سبيل المقابلة لما وقع من المبالغة في التنقيب عن ذلك وهي كانت لما تحققته من براءة نفسها ومنزلتها تعتقد أنه كان ينبغي لكل من سمع عنها ذلك أن يقطع بكذبه لكن العذر لهم عن ذلك أنهم أرادوا إقامة الحجة على من تكلم في ذلك ولا يكفي فيها مجرد نفي ما قالوا والسكوت عليه بل تعين التنقيب عليه لقطع شبههم أو مرادها بمن صدق به أصحاب الإفك لكن ضمت إليه من لم يكذبهم تغليبا قوله لا تصدقونني بذلك أي لا تقطعون بصدقي وفي رواية هشام بن عروة ما ذاك بنافعي عندكم وقالت في الشق الآخر لنصدقني وهو بتشديد النون والأصل تصدقونني فأدغمت إحدى النونين في الأخرى وإنما قالت ذلك لأن المرء مؤاخذ بإقراره ووقع في حديث أم رومان لئن حلفت لا تصدقونني ولئن قلت لا تعذرونني قوله والله ما أجد لكم مثلا في رواية صالح وفليح ومعمر ما أجد لكم ولي مثلا قوله إلا قول أبي يوسف زاد بن جريج في روايته واختلس مني اسمه وفي رواية هشام بن عروة والتمست اسم يعقوب فلم أقدر عليه وفي رواية أبي أويس نسيت اسم يعقوب لما بي من البكاء واحتراق الجوف ووقع في حديث أم رومان مثلي ومثلكم كيعقوب وبنيه وهي بالمعنى للتصريح في حديث هشام وغيره بأنها لم تستحضر اسمه قوله ثم تحولت فاضطجعت على فراشي زاد بن جريج ووليت وجهي نحو الجدر قوله وأنا حينئذ أعلم أني بريئة وأن الله مبرئي ببراءتي زعم بن التين أنه وقع عنده وإن الله مبرئني بنون قبل الياء وبعد الهمزة قال وليس ببين لأن نون الوقاية تدخل في الأفعال لتسلم من الكسر والأسماء تكسر فلا تحتاج إليها انتهى والذي وقفنا عليه في جميع الروايات مبرئي بغير نون وعلى تقدير وجود ما ذكر فقد سمع مثل ذلك في بعض اللغات قوله ولكن والله ما كنت أظن أن الله منزل في شأني وحيا يتلى ولشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله في بأمر زاد يونس في روايته يتلى وفي رواية فليح من أن يتكلم بالقرآن في أمري وفي رواية بن إسحاق يقرأ به في المساجد ويصلي به قوله فوالله ما رام رسول الله صلى الله عليه وسلّم أي فارق ومصدره الريم بالتحتانية بخلاف رام بمعنى طلب فمصدره الروم ويفترقان في المضارع يقال رام يروم روما ورام يريم ريما وحذف في هذه الرواية الفاعل ووقع في رواية صالح وفليح ومعمر وغيرهم مجلسه أي ما فارق مجلسه قوله ولا خرج أحد من أهل البيت أي الذين كانوا حينئذ حضورا ووقع في رواية أبي أسامة وأنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلّم من ساعته قوله فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء بضم الموحدة وفتح الراء ثم مهملة ثم مد هي شدة الحمى وقيل شدة الكرب وقيل شدة الحر ومنه برح بي الهم إذا بلغ مني غايته ووقع في رواية إسحاق بن راشد وهو العرق وبه جزم الداودي وهو تفسير باللازم غالبا لأن البرحاء شدة الكرب ويكون عنده العرق غالبا وفي رواية بن حاطب وشخص بصره إلى السقف وفي رواية عمر بن أبي سلمة عن أبيه عن عائشة عند الحاكم فأتاه الوحي وكان إذا أتاه الوحي أخذه السبل وفي رواية بن إسحاق فسجى بثوب ووضعت تحت رأسه وسادة من أدم قوله حتى أنه ليتحدر منه مثل الجمان من العرق في اليوم الشاتي من ثقل القول الذي ينزل عليه الجمان بضم الجيم وتخفيف الميم اللؤلؤ وقيل حب يعمل من الفضة كاللؤلؤ وقال الداودي خرز أبيض والأول أولى فشبهت قطرات عرقه صلى الله عليه وسلّم بالجمان لمشابهتها في الصفاء والحسن وزاد بن جريج في روايته قال أبو بكر فجعلت أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم أخشى أن ينزل من السماء ما لا مرد له وأنظر إلى وجه عائشة فإذا هو منبق فيطمعني ذلك فيها وفي رواية بن إسحاق فأما أنا فوالله ما فزعت