يبلغ عني ويعرف منه أن المراد خصوص القصة المذكورة لا مطلق التبليغ وروى سعيد بن منصور والترمذي والنسائي والطبري من طريق أبي إسحاق عن زيد بن يثيع قال سألت عليا بأي شيء بعثت قال بأنه لا يدخل الجنة الا نفس مؤمنة ولا يطوف بالبيت عريان ولا يجتمع مسلم مع مشرك في الحج بعد عامهم هذا ومن كان له عهد فعهده إلى مدته ومن لم يكن له عهد فاربعة أشهر واستدل بهذا الكلام الأخير على أن قوله تعالى فسيحوا في الأرض أربعة أشهر يختص بمن لم يكن له عهد مؤقت أو لم يكن له عهد أصلا وأما من له عهد مؤقت فهو إلى مدته فروى الطبري من طريق بن إسحاق قال هم صنفان صنف كان له عهد دون أربعة أشهر فأمهل إلى تمام أربعة أشهر وصنف كانت له مدة عهده بغير أجل فقصرت على أربعة أشهر وروى أيضا من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس أن الأربعة الأشهر أجل من كان له عهد مؤقت بقدرها أو يزيد عليها وأما من ليس له عهد فانقضاؤه إلى سلخ المحرم لقوله تعالى فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين ومن طريق عبيدة بن سلمان سمعت الضحاك أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم عاهد ناسا من المشركين من أهل مكة وغيرهم فنزلت براءة فنبذ إلى كل أحد عهده وأجلهم أربعة أشهر ومن لا عهد له فأجله انقضاء الأشهر الحرم ومن طريق السدي نحوه ومن طريق معمر عن الزهري قال كان أول الأربعة أشهر عند نزول براءة في شوال فكان آخرها آخر المحرم فبذلك يجمع بين ذكر الأربعة أشهر وبين قوله فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين واستبعد الطبري ذلك من حيث أن بلوغهم الخبر إنما كان عندما وقع النداء به في ذي الحجة فكيف يقال لهم سيحوا أربعة أشهر ولم يبق منها إلا دون الشهرين ثم أسند عن السدي وغير واحد التصريح بأن تمام الأربعة الأشهر في ربيع الأخر قوله أن يؤذن ببراءة يجوز فيه التنوين بالرفع على الحكاية وبالجر ويجوز أن يكون علامة الجر فتحة وهو الثابت في الروايات قوله قال أبو هريرة فأذن معنا على كذا للآكثر وفي رواية الكشميهني وحده قال أبو بكر فأذن معنا وهو غلط فاحش مخالف لرواية الجميع وإنما هو كلام أبي هريرة قطعا فهو الذي كان يؤذن بذلك وذكر عياض أن أكثر رواة الفربري وافقوا الكشميهني قال وهو غلط قوله قال أبو هريرة فأذن معنا على هو موصول بالإسناد المذكور وكأن حميد بن عبد الرحمن حمل قصة توجه على من المدينة إلى أن لحق أبا بكر عن غير أبي هريرة وحمل بقية القصة كلها عن أبي هريرة وقوله فأذن معنا على في أهل مني يوم النحر الخ قال الكرماني فيه إشكال لأن عليا كان مأمورا بأن يؤذن ببراءة فكيف يؤذن بأن لا يحج بعد العام مشرك ثم أجاب بأنه أذن ببراءة ومن جملة ما اشتملت عليه أن لا يحج بعد العام مشرك من قوله تعالى فيها إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا ويحتمل أن يكون أمر أن يؤذن ببراءة وبما أمر أبو بكر أن يؤذن به أيضا قلت وفي قوله يؤذن ببراءة تجوز لأنه أمر أن يؤذن ببضع وثلاثين آية منتهاها عند قوله تعالى ولو كره المشركون فروى الطبري من طريق أبي معشر عن محمد بن كعب وغيره قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلّم أبا بكر أميرا على الحج سنة تسع وبعث عليا بثلاثين أو أربعين آية من براءة وروى الطبري من طريق أبي الصهباء قال سألت عليا عن يوم الحج الأكبر فقال أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم بعث أبا بكر يقيم للناس الحج وبعثني بعده بأربعين آية من براءة حتى آتي عرفة فخطب ثم ألتفت إلى فقال يا علي قم فأد رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقمت فقرأت أربعين آية من أول براءة ثم صدرنا حتى رميت الجمرة فطفقت