يستغن هرقل بقوله بل يزيدون عن هذا السؤال لأنه لا ملازمة بين الارتداد والنقص فقد يرتد بعضهم ولا يظهر فيهم النقص باعتبار كثرة من يدخل وقلة من يرتد مثلا قوله سخطه له يريد أن من دخل في الشيء على بصيرة يبعد رجوعه عنه بخلاف من لم يكن ذلك من صميم قلبه فأنه يتزلزل بسرعة وعلى هذا يحمل حال من ارتد من قريش ولهذا لم يعرج أبو سفيان على ذكرهم وفيهم صهره زوج ابنته أم حبيبة وهو عبيد الله بن جحش فأنه كان أسلم وهاجر إلىالحبشة بزوجته ثم تنصر بالحبشة ومات على نصرانيته وتزوج النبي صلى الله عليه وسلّم أم حبيبة بعده وكأنه ممن لم يكن دخل في الإسلام على بصيرة وكان أبو سفيان وغيره من قريش يعرفون ذلك منه ولذلك لم يعرج عليه خشية أن يكذبوه ويحتمل أن يكونوا عرفوه بما وقع له من التنصر وفيه بعد أو المراد بالارتداد الرجوع إلى الدين الأول ولم يقع ذلك لعبيد الله بن جحش ولم يطلع أبو سفيان على من وقع له ذلك زاد في حديث دحية أرأيت من خرج من أصحابه إليكم هل يرجعون إليه قال نعم قوله فهل قاتلتموه نسب ابتداء القتال إليهم ولم يقل قاتلكم فينسب ابتداء القتال إليه محافظة على احترامه أو لأطلاعه على أن النبي لا يبدأ قومه بالقتال حتى يقاتلوه أو لما عرفة من العادة من حمية من يدعي إلى الرجوع عن دينه وفي حديث دحية هل ينكب إذا قاتلكم قال قد قاتله قوم فهزمهم وهزموه قال هذه آية قوله يصيب منا ونصيب منه وقعت المقاتلة بين النبي صلى الله عليه وسلّم وبين قريش قبل هذه القصة في ثلاثة مواطن بدر واحد والخندق فأصاب المسلمون من المشركين في بدر وعكسه في أحد وأصيب من الطائفتين ناس قليل في الخندق فصح قول أبي سفيان يصيب منا ونصيب منه ولم يصب من تعقب كلامه وأن فيه دسيسة لم ينبه عليها كما نبه على قوله ونحن منه في مدة لا ندري ما هو صانع فيها والحق أنه لم يدس في هذه القصة شيئا وقد ثبت مثل كلامه هذا من لفظ النبي صلى الله عليه وسلّم كما أشرت إليه في بدء الوحي قوله انى سألتك عن حسبه فيكم ذكر الأسئلة والأجوبة على ترتيب ما وقعت وأجاب عن كل جواب بما يقتضيه الحال وحاصل الجميع ثبوت علامات النبوة في الجميع فالبعض مما تلقفه من الكتب والبعض مما استقرأه بالعادة ووقع في بدء الوحي إعادة الأجوبة مشوشة الترتيب وهو من الراوي بدليل أنه حذف منها واحدة وهي قوله هل قاتلتموه الخ ووقع في رواية الجهاد شيء خالفت فيه ما في الموضعين فإنه أضاف قول بم يأمركم إلى بقية الأسئلة فكملت بها عشرة وأما هنا فإنه آخر قوله بم يأمركم إلى ما بعد إعادة الأسئلة والأجوبة وما رتب عليها وقوله قال لترجمانه قل له أي قل لأبي سفيان إني سألتك أي قل له حاكيا عن هرقل أني سألتك أو المراد أني سألتك على لسان هرقل لأن الترجمان يعيد كلام هرقل ويعيد لهرقل كلام أبي سفيان ولا يبعد أن يكون هرقل كان يفقه بالعربية ويأنف من التكلم بغير لسان قومه كما جرت به عادة الملوك من الأعاجم قوله قلت لو كان من آبائه أي قلت في نفسي بن وأطلق على حديث النفس قولا قوله ملك أبيه أفرده ليكون أعذر في طلب الملك بخلاف ما لو قال ملك آبائه أو المراد بالأب ما هو أعم من حقيقته ومجازه قوله وكذلك الإيمان إذا خالط يرجح أن الرواية التي في بدء الوحي بلفظ حتى يخالط وهم والصواب حين كما للأكثر قوله قلت يأمرنا بالصلاة الخ في بدء الوحي فقلت يقول اعبدوا الله الخ واستدل به على إطلاق الأمر على صيغة أفعل وعلى عكسه وفيه نظر لأن الظاهر أنه من تصرف الرواة ويستفاد منه أن المأموارت كلها كانت معروفة عند هرقل ولهذا لم يستفسره عن حقائقها قوله أن يك ما تقول فيه حقا فإنه نبي وقع في رواية الجهاد وهذه صفة نبي