ذلك تجوز فإنه عاش بعد ذلك إلى يوم الإثنين قوله كتابا قيل هو تعيين الخليفة بعده وسيأتي شيء من ذلك في كتاب الأحكام في باب الاستخلاف منه قوله لن تضلوا في رواية الكشميهني لا تضلون وتقدم في العلم وكذا في الرواية الثانية وتقدم توجيهه قوله ولا ينبغي عند نبي تنازع هو من جملة الحديث المرفوع ويحتمل أن يكون مدرجا من قول بن عباس والصواب الأول وقد تقدم في العلم بلفظ لا ينبغي عندي التنازع قوله فقالوا ما شأنه أهجر بهمزة لجميع رواة البخاري وفي الرواية التي في الجهاد بلفظ فقالوا هجر بغير همزة ووقع للكشميهني هناك فقالوا هجر هجر رسول الله صلى الله عليه وسلّم أعاد هجر مرتين قال عياض معنى أهجر أفحش يقال هجر الرجل إذا هذى وأهجر إذا أفحش وتعقب بأنه يستلزم أن يكون بسكون الهاء والروايات كلها إنما هي بفتحها وقد تكلم عياض وغيره على هذا الموضع فأطالوا ولخصه القرطبي تلخيصا حسنا ثم لخصته من كلامه وحاصله أن قوله هجر الراجح فيه إثبات همزة الاستفهام وبفتحات على أنه فعل ماض قال ولبعضهم أهجرا بضم الهاء وسكون الجيم والتنوين على أنه مفعول بفعل مضمر أي قال هجرا والهجر بالضم ثم السكون الهذيان والمراد به هنا ما يقع من كلام المريض الذي لا ينتظم ولا يعتد به لعدم فائدته ووقوع ذلك من النبي صلى الله عليه وسلّم مستحيل لأنه معصوم في صحته ومرضه لقوله تعالى وما ينطق عن الهوى ولقوله صلى الله عليه وسلّم إني لا أقول في الغضب والرضا إلا حقا وإذا عرف ذلك فإنما قاله من قاله منكرا على من توقف في امتثال أمره بإحضار الكتف والدواة فكأنه قال كيف تتوقف أتظن أنه كغيره يقول الهذيان في مرضه امتثل أمره وأحضره ما طلب فإنه لا يقول إلا الحق قال هذا أحسن الاجوبه قال ويحتمل أن بعضهم قال ذلك عن شك عرض له ولكن يبعده أن لا ينكره الباقون عليه مع كونهم من كبار الصحابة ولو أنكروه عليه لنقل ويحتمل أن يكون الذي قال ذلك صدر عن دهش وحيرة كما أصاب كثيرا منهم عند موته وقال غيره ويحتمل أن يكون قائل ذلك أراد أنه أشتد وجعه فأطلق اللازم وأراد الملزوم لأن الهذيان الذي يقع للمريض ينشأ عن شدة وجعه وقيل قال ذلك لإرادة سكوت الذين لغطوا ورفعوا أصواتهم عنده فكأنه قال إن ذلك يؤذيه ويفضى في العادة إلى ما ذكر ويحتمل أن يكون قوله أهجر فعلا ماضيا من الهجر بفتح الهاء وسكون الجيم والمفعول محذوف أي الحياة وذكره بلفظ الماضي مبالغة لما رأى من علامات الموت قلت ويظهر لي ترجيح ثالث الاحتمالات التي ذكرها القرطبي ويكون قائل ذلك بعض من قرب دخوله في الإسلام وكان يعهد أن من أشتد عليه الوجع قد يشتغل به عن تحرير ما يريد أن يقوله لجواز وقوع ذلك ولهذا وقع في الرواية الثانية فقال بعضهم إنه قد غلبه الوجع ووقع عند الإسماعيلي من طريق محمد بن خلاد عن سفيان في هذا الحديث فقالوا ما شأنه يهجر استفهموه وعن بن سعد من طريق أخرى عن سعيد بن جبير أن نبي الله ليهجر ويؤيده أنه بعد أن قال ذلك استفهموه بصيغة الأمر بالاستفهام أي اختبروا أمره بأن يستفهموه عن هذا الذي أراده وابحثوا معه في كونه الأولى أولا وفي قوله في الرواية الثانية فاختصموا فمنهم من يقول قربوا يكتب لكم ما يشعر بأن بعضهم كان مصمما على الامتثال والرد على من أمتنع منهم ولما وقع منهم الاختلاف ارتفعت البركة كما جرت العادة بذلك عند وقوع التنازع والتشاجر وقد مضى في الصيام أنه صلى الله عليه وسلّم خرج يخبرهم بليلة القدر فرأى رجلين يختصمان فرفعت قال المازري إنما جاز للصحابة الاختلاف في هذا الكتاب مع صريح أمره لهم بذلك لأن الاوامر قد