وعندك صلته أي ما الذي استقر في ظنك أن أفعله بك فأجاب بأنه ظن خيرا فقال عندي يا محمد خير أي لأنك لست ممن يظلم بل ممن يعفو ويحسن قوله إن تقتلني تقتل ذا دم كذا للأكثر بمهملة مخففة الميم وللكشميهني ذم بمعجمة مثقل الميم قال النووي معنى رواية الأكثر إن تقتل تقتل ذا دم أي صاحب دم لدمه موقع يشتفى قاتله بقتله ويدرك ثأره لرياسته وعظمته ويحتمل أن يكون المعنى أنه عليه دم وهو مطلوب به فلا لوم عليك في قتله وأما الرواية بالمعجمة فمعناها ذا ذمة وثبت كذلك في رواية أبي داود وضعفها عياض بأنه يقلب المعنى لأنه إذا كان ذا ذمة يمتنع قتله قال النووي يمكن تصحيحها بأن يحمل على الوجه الأول والمراد بالذمة الحرمة في قومه وأوجه الجميع الوجه الثاني لأنه مشاكل لقوله بعد ذلك وأن تنعم تنعم على شاكر وجميع ذلك تفصيل لقوله عندي خير وفعل الشرط إذا كرر في الجزاء دل على فخامة الأمر قوله قال عندي ما قلت لك أي إن تنعم تنعم على شاكر هكذا اقتصر في اليوم الثاني على أحد الشقين وحذف الامرين في اليوم الثالث وفيه دليل على حذفه وذلك أنه قدم أول يوم أشق الامرين عليه واشفى الامرين لصدر خصومه وهو القتل فلما لم يقع اقتصر على ذكر الاستعطاف وطلب الأنعام في اليوم الثاني فكأنه في اليوم الأول رأى إمارات الغضب فقدم ذكر القتل فلما لم يقتله طمع في العفو فاقتصر عليه فلما لم يعمل شيئا مما قال اقتصر في اليوم الثالث على الإجمال تفويضا إلى جميل خلقه صلى الله عليه وسلّم وقد وافق ثمامة في هذه المخاطبة قول عيسى عليه السلام ان تعذبهم فإنهم عبادك وأن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم لأن المقام يليق بذلك قوله فقال اطلقوا ثمامة في رواية بن إسحاق قال قد عفوت عنك يا ثمامة وأعتقتك وزاد بن إسحاق في روايته أنه لما كان في الأسر جمعوا ما كان في أهل النبي صلى الله عليه وسلّم من طعام ولبن فلم يقع ذلك من ثمامة موقعا فلما أسلم جاءوه بالطعام فلم يصب منه إلا قليلا فتعجبوا فقال النبي صلى الله عليه وسلّم إن الكافر يأكل في سبعة أمعاء وأن المؤمن يأكل في معي واحد قوله فبشره أي بخيرى الدنيا والآخرة أو بشره بالجنة أو بمحو ذنوبه وتبعاته السابقة قوله فلما قدم مكة زاد بن هشام قال بلغني أنه خرج معتمرا حتى إذا كان ببطن مكة لبى فكان أول من دخل مكة يلبى فأخذته قريش فقالوا لقد اجترأت علينا وأرادوا قتله فقال قائل منهم دعوه فإنكم تحتاجون إلى الطعام من اليمامة فتركوه قوله قال لا ولكن أسلمت مع محمد كأنه قال لا ما خرجت من الدين لأن عبادة الأوثان ليست دينا فإذا تركتها لا أكون خرجت من دين بل استحدثت دين الإسلام وقوله مع محمد أي وافقته على دينه فصرنا متصاحبين في الإسلام أنا بالابتداء وهو بالاستدامة ووقع في رواية بن هشام ولكن تبعت خير الدين دين محمد قوله ولا والله فيه حذف تقديره والله لا أرجع إلى دينكم ولا أرفق بكم فاترك الميرة تأتيكم من اليمامة قوله لا تأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن فيها النبي صلى الله عليه وسلّم زاد بن هشام ثم خرج إلى اليمامة فمنعهم أن يحملوا إلى مكة شيئا فكتبوا إلى النبي صلى الله عليه وسلّم إنك تأمر بصلة الرحم فكتب إلى ثمامة أن يخلى بينهم وبين الحمل إليهم وفي قصة ثمامة من الفوائد ربط الكافر في المسجد والمن على الآسير الكافر وتعظيم أمر العفو عن المسيء لأن ثمامة أقسم أن بغضه انقلب حبا في ساعة واحدة لما اسداه النبي صلى الله عليه وسلّم إليه من العفو والمن بغير مقابل وفيه الاغتسال عند الإسلام وأن الإحسان يزيل البغض ويثبت الحب وأن الكافر إذا أراد عمل خير ثم أسلم شرع له أن يستمر في عمل ذلك الخير وفيه الملاطفة بمن يرجى إسلامه من الأسارى إذا كان في ذلك مصلحة للإسلام ولا سيما من يتبعه على إسلامه العدد الكثير