وكانت طريقة الخوارج حلق جميع رؤوسهم قوله أو لست أحق أهل الأرض أن يتقى الله وفي رواية سعيد بن مسروق فقال ومن يطع الله إذا عصيته وهذا الرجل هو ذو الخويصرة التميمي كما تقدم صريحا في علامات النبوة من وجه آخر عن أبي سعيد الخدري وعند أبي داود اسمه نافع ورجحه السهيلي وقيل اسمه حرقوص بن زهير السعدي وسيأتي تحرير ذلك في كتاب استتابة المرتدين قوله فقال خالد بن الوليد في رواية أبي سلمة عن أبي سعيد في علامات النبوة فقال عمر ولا تنافيه هذه الرواية لاحتمال أن يكون كل منهما سأل في ذلك قوله ألا أضرب عنقه قال لا لعله أن يكون يصلى فيه استعمال لعل استعمال عسى نبه عليه بن مالك وقوله يصلي قيل فيه دلالة من طريق المفهوم على أن تارك الصلاة يقتل وفيه نظر قوله أن أنقب بنون وقاف ثقيلة بعدها موحدة أي إنما أمرت أن آخذ بظواهر أمورهم قال القرطبي إنما منع قتله وأن كان قد استوجب القتل لئلا يتحدث الناس أنه يقتل أصحابه ولا سيما من صلى كما تقدم نظيره في قصة عبد الله بن أبي وقال المازري يحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلّم لم يفهم من الرجل الطعن في النبوة وإنما نسبه إلى ترك العدل في القسمة وليس ذلك كبيرة والأنبياء معصومون من الكبائر بالإجماع واختلف في جواز وقوع الصغائر أو لعله لم يعاقب هذا الرجل لأنه لم يثبت ذلك عنه بل نقله عنه واحد وخبر الواحد لا يراق به الدم انتهى وأبطله عياض بقوله في الحديث أعدل يا محمد فخاطبه في الملأ بذلك حتى استأذنوه في قتله فالصواب ما تقدم قوله يخرج من ضئضئ كذا للأكثر بضادين معجمتين مكسورتين بينهما تحتانية مهموزة ساكنة وفي آخره تحتانية مهموزة أيضا وفي رواية الكشميهني بصادين مهملتين فأما بالضاد المعجمة فالمراد به النسل والعقب وزعم بن الأثير أن الذي بالمهملة بمعناه وحكى بن الأثير أنه روى بالمد بوزن قنديل وفي رواية سعيد بن مسروق في أحاديث الأنبياء أنه من ضئضئ هذا أو من عقب هذا قوله يتلون كتاب الله رطبا في رواية سعيد بن مسروق يقرؤون القرآن قوله لا يجاوز حناجرهم تقدم شرحه في علامات النبوة قوله يمرقون من الدين في رواية سعيد بن مسروق من الإسلام وفيه رد على من أول الدين هنا بالطاعة وقال أن المراد أنهم يخرجون من طاعة الإمام كما يخرج السهم من الرمية وهذه صفة الخوارج الذين كانوا لا يطيعون الخلفاء والذي يظهر أن المراد بالدين الإسلام كما فسرته الرواية الأخرى وخرج الكلام مخرج الزجر وأنهم بفعلهم ذلك يخرجون من الإسلام الكامل وزاد سعيد بن مسروق في روايته يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان وهو مما أخبر به صلى الله عليه وسلّم من المغيبات فوقع كما قال قوله وأظنه قال لئن ادركتهم لأقتلنهم قتل ثمود في رواية سعيد بن مسروق لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد ولم يتردد فيه وهو الراجح وقد استشكل قوله لئن أدركتهم لأقتلنهم مع أنه نهى خالدا عن قتل أصلهم وأجيب بأنه أراد إدراك خروجهم واعتراضهم المسلمين بالسيف ولم يكن ظهر ذلك في زمانه وأول ما ظهر في زمان على كما هو مشهور وقد سبقت الإشارة إلى ذلك في علامات النبوة واستدل به على تكفير الخوارج وهي مسألة شهيرة في الأصول وسيأتي الإلمام بشيء منها في استتابة المرتدين