وذكر الحاكم أيضا ممن أهدر دمه كعب بن زهير وقصته مشهورة وقد جاء بعد ذلك وأسلم ومدح ووحشي بن حرب وقد تقدم شأنه في غزوة أحد وهند بنت عتبة امرأة أبي سفيان وقد أسلمت وأرنب مولاة بن خطل أيضا قتلت وأم سعد قتلت فيما ذكر بن إسحاق فكملت العدة ثمانية رجال وست نسوة ويحتمل أن تكون أرنب وأم سعد هما القينتان اختلف في أسمهما أو باعتبار الكنية واللقب قلت وسيأتي في حديث أنس في هذا الباب ذكر بن خطل وروى أحمد ومسلم والنسائي من طريق عبد الله بن رباح عن أبي هريرة قال أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلّم وقد بعث على إحدى الجنبتين خالد بن الوليد وبعث الزبير على الأخرى وبعث أبا عبيدة على الحسر بضم المهملة وتشديد السين المهملة أي الذين بغير سلاح فقال لي يا أبا هريرة اهتف لي بالأنصار فهتف بهم فجاؤوا فأطافوا به فقال لهم أترون إلى أوباش قريش وأتباعهم ثم قال بإحدى يديه على الأخرى احصدوهم حصدا حتى توافوني بالصفا قال أبو هريرة فانطلقنا فما نشاء أن نقتل أحدا منهم الا قتلناه فجاء أبو سفيان فقال يا رسول الله أبيحت خضراء قريش لا قريش بعد اليوم قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم من أغلق بابه فهو آمن وقد تمسك بهذه القصة من قال إن مكة فتحت عنوة وهو قول الأكثر وعن الشافعي ورواية عن أحمد أنها فتحت صلحا لما وقع هذا التأمين ولإضافة الدور إلى أهلها ولأنها لم تقسم ولأن الغانمين لم يملكوا دورها وإلا لجاز إخراج أهل الدور منها وحجة الأولين ما وقع من التصريح من الأمر بالقتال ووقوعه من خالد بن الوليد وبتصريحه صلى الله عليه وسلّم بأنها أحلت ساعة من نهار ونهيه عن التأسى به في ذلك وأجابوا عن ترك القسمة بأنها لاتستلزم عدم العنوة فقد تفتح البلد عنوة ويمن على أهلها ويترك لهم دورهم وغنائمهم لأن قسمة الأرض المغنومة ليست متفقا عليها بل الخلاف ثابت عن الصحابة فمن بعدهم وقد فتحت أكثر البلاد عنوة فلم تقسم وذلك في زمن عمر وعثمان مع وجود أكثر الصحابة وقد زادت مكة عن ذلك بأمر يمكن أن يدعي اختصاصها به دون بقية البلاد وهي أنها دار النسك ومتعبد الخلق وقد جعلها الله تعالى حرما سواء العاكف فيه والباد وأما قول النووي احتج الشافعي بالأحاديث المشهورة بأن النبي صلى الله عليه وسلّم صالحهم بمر الظهران قبل دخول مكة ففيه نظر لأن الذي أشار إليه إن كان مراده ما وقع له من قوله صلى الله عليه وسلّم من دخل دار أبي سفيان فهو آمن كما تقدم وكذا من دخل المسجد كما عند بن إسحاق فإن ذلك لا يسمى صلحا إلا إذا التزم من أشير إليه بذلك الكف عن القتال والذي ورد في الأحاديث الصحيحة ظاهر في أن قريشا لم يلتزموا ذلك لأنهم استعدوا للحرب كما ثبت في حديث أبي هريرة عند مسلم ان قريشا وبشت اوباشا لها واتباعا فقالوا نقدم هؤلاء فإن كان لهم شيء كنا معهم وإن أصيبوا اعطيناه الذين سألنا فقال النبي صلى الله عليه وسلّم أترون أوباش قريش ثم قال بإحدى يديه على الأخرى أي احصدوهم حصدا حتى توافوني على الصفا قال فانطلقنا فما نشاء أن نقتل أحدا الا قتلناه وان كان مراده بالصلح وقوع عقد به فهذا لم ينقل ولا أظنه عنى الا الاحتمال الأول وفيه ما ذكرته وتمسك أيضا من قال إنه مبهم بما وقع عند بن إسحاق في سياق قصة الفتح فقال العباس لعلي أجد بعض الحطابة أو صاحب لبن أو ذا حاجة يأتي مكة فيخبرهم بمكان رسول الله صلى الله عليه وسلّم ليخرجوا إليه فيستأمنوه قبل أن يدخلها عنوة ثم قال في القصة بعد قصة أبي سفيان من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ومن أغلق عليه بابه فهو آمن فتفرق الناس إلى دورهم وإلى المسجد وعند موسى بن عقبة في المغازي وهي أصح ما صنف في ذلك عند الجماعة ما نصه أن أبا سفيان وحكيم بن حزام قالا