لأعطين هذه الراية غدا رجلا بغير شك وفي حديث بريدة إني دافع اللواء غدا إلى رجل يحبه الله ورسوله والراية بمعنى اللواء وهو العلم الذي في الحرب يعرف به موضع صاحب الجيش وقد يحمله أمير الجيش وقد يدفعه لمقدم العسكر وقد صرح جماعة من أهل اللغة بترادفهما لكن روى أحمد والترمذي من حديث بن عباس كانت راية رسول الله صلى الله عليه وسلّم سوداء ولواؤه أبيض ومثله عند الطبراني عن بريدة وعند بن عدي عن أبي هريرة وزاد مكتوبا فيه لا إله إلا الله محمد رسول الله وهو ظاهر ففي التغاير فلعل التفرقة بينهما عرفية وقد ذكر بن إسحاق وكذا أبو الأسود عن عروة أن أول ما وجدت الرايات يوم خيبر وما كانوا يعرفون قبل ذلك إلا الألوية قوله يحبه الله ورسوله زاد في حديث سهل بن سعد ويحب الله ورسوله وفي رواية بن إسحاق ليس بفرار وفي حديث بريدة لا يرجع حتى يفتح الله له قوله فنحن نرجوها في حديث سهل فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها وقوله يدوكون بمهملة مضمومة أي باتوا في اختلاط واختلاف والدوكة بالكاف الاختلاط وعند مسلم من حديث أبي هريرة أن عمر قال ما أحببت الإمارة إلا يومئذ وفي حديث بريدة فما منا رجل له منزلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلّم إلا وهو يرجو أن يكون ذلك الرجل حتى تطاولت أنالها فدعا عليا وهو يشتكي عينه فمسحها ثم دفع إليه اللواء ولمسلم من طريق إياس بن سلمة عن أبيه قال فأرسلني إلى علي قال فجئت به أقوده أرمد فبزق في عينه فبرأ قوله فقيل هذا علي كذا وقع مختصرا وبيانه في رواية إياس بن سلمة عند مسلم وفي حديث سهل بن سعد الذي بعده فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلّم كلهم يرجو أن يعطاها فقال أين علي بن أبي طالب قالوا يشتكي عينيه قال فأرسلوا إليه فأتوا به وقد ظهر من حديث سلمة بن الأكوع أنه هو الذي أحضره ولعل عليا حضر إليهم بخيبر ولم يقدر على مباشرة القتال لرمده فأرسل إليه النبي صلى الله عليه وسلّم فحضر من المكان الذي نزل به أو بعث إليه إلى المدينة فصادف حضوره قوله فبرأ بفتح الراء والهمزة بوزن ضرب ويجوز كسر الراء بوزن علم وعند الحاكم من حديث علي نفسه قال فوضع رأسي في حجره ثم بزق في الية راحته فدلك بها عيني وعند بريدة في الدلائل للبيهقي فما وجعها علي حتى مضى لسبيله أي مات وعند الطبراني من حديث علي فما رمدت ولا صدعت مذ دفع النبي صلى الله عليه وسلّم إلى الراية يوم خيبر وله من وجه آخر فما اشتكيتها حتى الساعة قال ودعا لي فقال اللهم أذهب عنه الحر والقر قال فما اشتكيتهما حتى يومي هذا قوله فأعطاه ففتح عليه في حديث سهل فأعطاه الراية وفي حديث أبي سعيد عند أحمد فانطلق حتى فتح الله عليه خيبر وفدك وجاء بعجوتهما وقد اختلف في فتح خيبر هل كان عنوة أو صلحا وفي حديث عبد العزيز بن صهيب عن أنس التصريح بأنه كان عنوة وبه جزم بن عبد البر ورد على من قال فتحت صلحا قال وإنما دخلت الشبهة على من قال فتحت صلحا بالحصنين اللذين أسلمهما أهلهما لحقن دمائهم وهو ضرب من الصلح لكن لم يقع ذلك الا بحصار وقتال انتهى والذي يظهر أن الشبهة في ذلك قول بن عمر ان النبي صلى الله عليه وسلّم قاتل أهل خيبر فغلب على النخل وألجأهم إلى القصر فصالحوه على أن يجلوا منها وله الصفراء والبيضاء والحلقة ولهم ما حملت ركابهم على أن لا يكتموا ولا يغيبوا الحديث وفي آخره فسبى نساءهم وذرايهم وقسم أموالهم للنكث الذي نكثوا وأراد أن يجليهم فقالوا دعنا في هذه الأرض نصلحها الحديث أخرجه أبو داود والبيهقي وغيرهما وكذلك أخرجه أبو الأسود في المغازي عن عروة فعلى هذا كان قد وقع الصلح ثم حدث النقض منهم فزال أثر الصلح ثم من عليهم بترك القتل وإبقائهم