غزوة بني المصطلق من خزاعة وهي غزوة المريسيع أما المصطلق فهو بضم الميم وسكون المهملة وفتح الطاء المهملة وكسر اللام بعدها قاف وهو لقب واسمه جذيمة بن سعد بن عمرو بن ربيعة بن حارثة بطن من بني خزاعة وقد تقدم بيان نسب خزاعة في أوائل السيرة النبوية وأما المريسيع فبضم الميم وفتح الراء وسكون التحتانيتين بينهما مهملة مكسورة وآخره عين مهملة هو ماء لبني خزاعة بينه وبين الفرع مسيرة يوم وقد روى الطبراني من حديث سفيان بن وبرة قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلّم في غزوة المريسيع غزوة بني المصطلق قوله قال بن إسحاق وذلك سنة ست كذا هو في مغازي بن إسحاق رواية يونس بن بكير وغيره عنه وقال في شعبان وبه جزم خليفة والطبري وروى البيهقي من رواية قتادة وعروة وغيرهما أنها كانت في شعبان سنة خمس وكذا ذكرها أبو معشر قبل الخندق قوله وقال موسى بن عقبة سنة أربع كذا ذكره البخاري وكأنه سبق قلم أراد أن يكتب سنة خمس فكتب سنة أربع والذي في مغازي موسى بن عقبة من عدة طرق أخرجها الحاكم وأبو سعيد النيسابوري والبيهقي في الدلائل وغيرهم سنة خمس ولفظه عن موسى بن عقبة عن بن شهاب ثم قاتل رسول الله صلى الله عليه وسلّم بني المصطلق وبني لحيان في شعبان سنة خمس ويؤيده ما أخرجه البخاري في الجهاد عن بن عمر أنه غزا مع النبي صلى الله عليه وسلّم بني المصطلق في شعبان سنة أربع ولم يؤذن له في القتال لأنه إنما أذن له فيه في الخندق كما تقدم وهي بعد شعبان سواء قلنا إنها كانت سنة خمس أو سنة أربع وقال الحاكم في الإكليل قول عروة وغيره إنها كانت في سنة خمس أشبه من قول بن إسحاق قلت ويؤيده ما ثبت في حديث الإفك أن سعد بن معاذ تنازع هو وسعد بن عبادة في أصحاب الإفك كما سيأتي فلو كان المريسيع في شعبان سنة ست مع كون الإفك كان فيها لكان ما وقع في الصحيح من ذكر سعد بن معاذ غلطا لأن سعد بن معاذ مات أيام قريظة وكانت سنة خمس على الصحيح كما تقدم تقريره وإن كانت كما قيل سنة أربع فهي أشد فيظهر أن المريسيع كانت سنة خمس في شعبان لتكون قد وقعت قبل الخندق لأن الخندق كانت في شوال من سنة خمس أيضا فتكون بعدها فيكون سعد بن معاذ موجودا في المريسيع ورمى بعد ذلك بسهم في الخندق ومات من جراحته في قريظة وسأذكر ما وقع لعياض من ذلك في أثناء الكلام على حديث الإفك إن شاء الله تعالى ويؤيده أيضا أن حديث الإفك كان سنة خمس إذ الحديث فيه التصريح بأن القصة وقعت بعد نزول الحجاب والحجاب كان في ذي القعدة سنة أربع عند جماعة فيكون المريسيع بعد ذلك فيرجح أنها سنة خمس أما قول الواقدي إن الحجاب كان في ذي القعدة سنة خمس فمردود وقد جزم خليفة وأبو عبيدة وغير واحد بأنه كان سنة ثلاث فحصلنا في الحجاب على ثلاثة أقوال أشهرها سنة أربع والله أعلم قوله وقال النعمان بن راشد عن الزهري كان حديث الإفك في غزوة المريسيع وصله الجوزقي والبيهقي في الدلائل من طريق حماد بن زيد عن النعمان بن راشد ومعمر عن الزهري عن عائشة فذكر قصة الإفك في غزوة المريسيع وبهذا قال بن إسحاق وغير واحد من أهل المغازي إن قصة الإفك كانت في رجوعهم من غزوة المريسيع وذكر بن إسحاق عن مشايخه عاصم بن عمر بن قتادة وغيره أنه صلى الله عليه وسلّم بلغه أن بني المصطلق يجمعون له وقائدهم الحارث بن أبي ضرار فخرج إليهم حتى لقيهم على ماء من مياههم يقال له المريسيع قريبا من الساحل فزاحف الناس واقتتلوا فهزمهم الله وقتل منهم ونفل رسول الله صلى الله عليه وسلّم نساءهم وأبناءهم وأموالهم كذا ذكر بن إسحاق بأسانيد مرسلة والذي في الصحيح كما تقدم في كتاب العتق من حديث بن عمر يدل على أنه أغار عليهم