عسكر المشركين انكفت الرماة جميعا فدخلوا في العسكر ينتهبون وقد التفت صفوف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم فهم هكذا وشبك بين أصابعه فلما أخلت الرماة تلك الخلة التي كانوا فيها دخلت الخيل من ذلك الموضع على الصحابة فضرب بعضهم بعضا والتبسوا وقتل من المسلمين ناس كثير قد كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلّم وأصحابه أول النهار حتى قتل من أصحاب لواء المشركين تسعة أو سبعة وجال المسلمون جولة نحو الجبل وصاح الشيطان قتل محمد وقد ذكرنا من حديث الزبير نحوه قوله فلما أبوا صرفت وجوههم في رواية زهير فلما أتوهم بالمثناة وقوله صرفت وجوههم أي تحيروا فلم يدروا أين يتوجهون وزاد زهير في روايته فذلك إذ يدعوهم الرسول في أخراهم فلم يبق مع النبي صلى الله عليه وسلّم غير اثني عشر رجلا وجاء في رواية مرسلة أنهم من الأنصار وسأذكرها في الكلام على الحديث السابع من الباب الذي يليه وروى النسائي من طريق أبي الزبير عن جابر قال لما ولى الناس يوم أحد كان النبي صلى الله عليه وسلّم في اثني عشر رجلا من الأنصار وفيهم طلحة الحديث ووقع عند الطبري من طريق السدي قال تفرق الصحابة فدخل بعضهم المدينة وانطلق بعضهم فوق الجبل وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يدعو الناس إلى الله فرماه بن قمئة بحجر فكسر أنفه ورباعيته وشجه في وجه فأثقله فتراجع إلى النبي صلى الله عليه وسلّم ثلاثون رجلا فجعلوا يذبون عنه فحمله منهم طلحة وسهل بن حنيف فرمى طلحة بسهم ويبست يده وقال بعض من فر إلى الجبل ليت لنا رسولا إلى عبد الله بن أبي يستأمن لنا من أبي سفيان فقال أنس بن النضر يا قوم إن كان محمد قتل فرب محمد لم يقتل فقاتلوا على ما قاتل عليه ثم ذكر قصة قتله كما سيأتي قريبا وقصد رسول الله صلى الله عليه وسلّم الجبل فأراد رجل من اصحابه أن يرميه بسهم فقال له أنا رسول الله فلما سمعوا ذلك فرحوا به واجتمعوا حوله وتراجع الناس وسيأتي في باب مفرد ما يتعلق بمن شج وجهه E قوله فأصيب سبعون قتيلا في رواية زهير فأصابوا منها أي من طائفة المسلمين وفي رواية الكشميهني فأصابوا منا وهي أوجه وزاد زهير كان النبي صلى الله عليه وسلّم وأصحابه أصابوا من المشركين يوم بدر أربعين ومائة وقد تقدم بسط القول في ذلك وروى سعيد بن منصور من مرسل أبي الضحى قال قتل يومئذ يعني يوم أحد سبعون أربعة من المهاجرين حمزة ومصعب بن عمير وعبد الله بن جحش وشماس بن عثمان وسائرهم من الأنصار قلت وبهذا جزم الواقدي وفي كلام بن سعد ما يخالف ذلك ويمكن الجمع كما تقدم وأخرج بن حبان والحاكم في صحيحيهما عن أبي بن كعب قال أصيب يوم أحد من الأنصار أربعة وستون ومن المهاجرين ستة وكان الخامس سعد مولى حاطب بن أبي بلتعة والسادس يوسف بن عمرو الأسلمي حليف بني عبد شمس وذكر المحب الطبري عن الشافعي أن شهداء أحد اثنان وسبعون وعن مالك خمسة وسبعون من الأنصار خاصة أحد وسبعون وسرد أبو الفتح اليعمري أسماءهم فبلغوا ستة وتسعين من المهاجرين أحد عشر وسائرهم من الأنصار منهم من ذكره بن إسحاق والزيادة من عند موسى بن عقبة أو محمد بن سعد أو هشام بن الكلبي ثم ذكر عن بن عبد البر وعن الدمياطي أربعة أو خمسة قال فزادوا عن المائة قال اليعمري قد ورد في تفسير قوله تعالى أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها أنها نزلت تسلية للمؤمنين عمن أصيب منهم يوم أحد فانهم أصابوا من المشركين يوم بدر سبعين قتيلا وسبعين أسيرا في عدد من قتل قال اليعمري إن ثبتت فهذه الزيادة ناشئة عن الخلاف في التفصيل قلت وهو الذي يعول عليه والحديث الذي أشار إليه أخرجه الترمذي والنسائي من طريق الثوري عن هشام بن حسان عن بن سيرين عن عبيدة بن عمرو عن علي ان جبريل هبط فقال خيرهم في أسارى بدر من