التين في زعمه أنه ليس في هذه القصة حديث بإسناد قلت فهذا أقوى مما ذكر بن إسحاق من أن سبب غزوة بني النضير طلبه صلى الله عليه وسلّم أن يعينوه في دية الرجلين لكن وافق بن إسحاق جل أهل المغازي فالله أعلم وإذا ثبت أن سبب إجلاء بني النضير ما ذكر من همهم بالغدر به صلى الله عليه عليه وسلم وهو إنما وقع عندما جاء إليهم ليستعين بهم في دية قتيلي عمرو بن أمية تعين ما قال بن إسحاق لأن بئر معونة كانت بعد أحد بالاتفاق وأغرب السهيلي فرجحما قال الزهري ولولا ما ذكر في قصة عمرو بن أمية لأمكن أن يكون ذلك في غزوة الرجيع والله أعلم ثم ذكر المصنف في الباب أحاديث الأول حديث بن عمر حاربت النضير وقريظة فأجلى بني النضير كذا فيه ولم يعين المفعول من حاربت ولم يسم فاعل أجلى والمراد النبي صلى الله عليه وسلّم وكان سبب وقوع المحاربة نقضهم العهد أما النضير فبالسبب الآتي ذكره وهو ما ذكره موسى بن عقبة في المغازي قال كانت النضير قد دسوا إلى قريش وحضوهم على قتال رسول الله صلى الله عليه وسلّم ودلوهم على العورة ثم ذكر نحوا مما تقدم عن بن إسحاق من مجيء النبي صلى الله عليه وسلّم في قصة الرجلين قال وفي ذلك نزلت يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا اليكم أيديهم الآية وعند بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أرسل إليهم محمد بن مسلمة أن اخرجوا من بلدي فلا تساكنوني بعد أن هممتم بما هممتم به من الغدر وقد أجلتكم عشرا وأما قريظة فبمظاهرتهم الأحزاب على النبي صلى الله عليه وسلّم في غزوة الخندق كما سيأتي .
3804 - قوله حتى حاربت قريظة سيأتي شرح ذلك بعد غزوة الخندق إن شاء الله تعالى كذا وقع تقديم قريظة على النضير وكأنه لشرفهم وإلا فاجلاء النضير كان قبل قريظة بكثير قوله والنضير ذكر بن إسحاق في قصته أن النبي صلى الله عليه وسلّم لما أرسل إليهم أن اخرجوا وأجلهم عشرا وأرسل إليهم عبد الله بن أبي يثبطهم أرسلوا إلى النبي صلى الله عليه وسلّم إنا لا نخرج فاصنع ما بدا لك فقال الله أكبر حاربت يهود فخرج إليهم فخذلهم بن أبي ولم تعنهم قريظة وروى عبد بن حميد في تفسيره من طريق عكرمة أن غزوة بني النضير كانت صبيحة قتل كعب بن الأشرف يعني الآتي ذكره عقب هذا قوله بني قينقاع هو بالنصب على البدلية ونون قينقاع مثلثة والأشهر فيها الضم وكانوا أول من أخرج من المدينة كما تقدم في أول الباب وروى بن إسحاق في المغازي عن أبيه عن عبادة بن الوليد عن عبادة بن الصامت قال لما حاربت بنو قينقاع قام بأمرهم عبد الله بن أبي فمشى عبادة بن الصامت وكان له من حلفهم مثل الذي لعبد الله بن أبي فتبرأ عبادة منهم قال فنزلت يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض إلى قوله يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة وكان عبد الله بن أبي لما سأل النبي صلى الله عليه وسلّم أن يمن عليهم قال يا محمد إنهم منعوني من الأسود والأحمر وإني امرؤ أخشى الدوائر فوهبهم له وذكر الواقدي أن إجلاءهم كان في شوال سنة اثنتين يعني بعد بدر بشهر ويؤيده ما روى بن إسحاق بإسناد حسن عن بن عباس قال لما أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم قريشا يوم بدر جمع يهود في سوق بني قينقاع فقال يا يهود أسلموا قبل أن يصيبكم ما أصاب قريشا يوم بدر فقالوا إنهم كانوا لا يعرفون القتال ولو قاتلتنا لعرفت أنا الرجال فانزل الله تعالى قل للذين كفروا ستغلبون إلى قوله لأولى الأبصار وأغرب الحاكم فزعم أن إجلاء بني قينقاع وإجلاء بني النضير كان في زمن واحد ولم يوافق على ذلك لأن إجلاء بني النضير كان بعد بدر بستة أشهر على قول عروة أو بعد ذلك بمدة طويلة على قول بن إسحاق كما تقدم بسطه الحديث الثاني حديث بن عباس في تسمية سورة الحشر سورة النضير لأنها نزلت فيهم قال الداودي كأن بن عباس كره تسميتها سورة الحشر لئلا يظن أن المراد بالحشر يوم القيامة