والفعلية من رحمته وعذابه وغير ذلك فلذلك ذكر الجنة والنار أو المراد في البيت بالبطلان الفناء لا الفساد فكل شيء سوى الله جائز عليه الفناء لذاته حتى الجنة والنار وانما يبقيان بابقاء الله لهما وخلق الدوام لاهلهما والحق على الحقيقة من لا يجوز عليه الزوال ولعل هذا هو السر في اثبات الألف واللام في قوله أنت الحق وقولك الحق ووعدك الحق وحذفهما عند ذكر غيرهما والله اعلم وفي إيراد البخاري هذا الحديث في هذا الباب تلميح بما وقع لعثمان بن مظعون بسبب هذا البيت مع ناظمه لبيد بن ربيعة قبل إسلامه والنبي صلى الله عليه وسلّم يومئذ بمكة وقريش في غاية الأذية للمسلمين فذكر بن إسحاق عن صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عمن حدثه عن عثمان بن مظعون انه لما رجع من الهجرة الأولى إلى الحبشة دخل مكة في جوار الوليد بن المغيرة فلما رأى المشركين يؤذون المسلمين وهو امن رد على الوليد جواره فبينما هو في مجلس لقريش وقد وفد عليهم لبيد بن ربيعة فقعد ينشدهم من شعره فقال لبيد الا كل شيء ما خلا الله باطل فقال عثمان بن مظعون صدقت فقال لبيد وكل نعيم لامحالة زائل فقال عثمان كذبت نعيم الجنة لايزول فقال لبيد متى كان يؤذى جليسكم يا معشر قريش فقام رجل منهم فلطم عثمان فاخضرت عينه فلامه الوليد على رد جواره فقال قد كنت في ذمة منيعة فقال عثمان ان عيني الأخرى لما أصاب أختها لفقيرة فقال له الوليد فعد إلى جوارك فقال بل ارضى بجوار الله تعالى قلت وقد اسلم لبيد بعد ذلك وهو بن ربيعة بن عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب بن ربيعة بن عامر العامري ثم الكلابي ثم الجعفري يكنى أبا عقيل وذكره في الصحابة البخاري وبن أبي خيثمة وغيرهما وقال لعمر لما سأله عما قاله من الشعر في الإسلام قد ابدلني الله بالشعر سورة البقرة ثم سكن الكوفة ومات بها في خلافة عثمان وعاش مائة وخمسين سنة وقيل أكثر وهو القائل ولقد سئمت من الحياة وطولها وسؤال هذا الناس كيف لبيد وهذا يعكر على من قال انه لم يقل شعرا منذ اسلم الا ان يريد القطع المطولة لا البيت والبيتين والله اعلم قوله وكاد أمية بن أبي الصلت ان يسلم اسم أبي الصلت ربيعة بن عوف بن عقدة بن غيرة بكسر المعجمة وفتح التحتانية بن عوف بن ثقيف الثقفي وقيل في نسبه غير ذلك أبو عثمان كان ممن طلب الدين ونظر في الكتب ويقال انه ممن دخل في النصرانية وأكثر في شعره من ذكر التوحيد والبعث يوم القيامة وزعم الكلاباذي انه كان يهوديا وروى الطبراني من حديث معاوية بن أبي سفيان عن أبيه انه سافر مع أمية فذكر قصته وانه سأله عن عتبة بن ربيعة وعن سنه ورياسته فأعلمه انه متصف بذلك فقال ازري به ذلك فغضب أبو سفيان فأخبره أمية انه نظر في الكتب ان نبيا يبعث من العرب اظل زمانه قال فرجوت ان اكونه قال ثم نظرت فإذا هو من بني عبد مناف فنظرت فيهم فلم ار مثل عتبة فلما قلت لي انه رئيس وانه جاوز الأربعين عرفت انه ليس هو قال أبو سفيان فما مضت الأيام حتى ظهر محمد صلى الله عليه وسلّم فقلت لأمية قال نعم انه لهو قلت أفلا نتبعه قال أستحيي من نسيات ثقيف اني كنت أقول لهن انني انا هو ثم اصير تابعا لغلام من بني عبد مناف وذكر أبو الفرج الأصبهاني انه قال عند موته انا اعلم ان الحنيفية حق ولكن الشك يداخلني في محمد وروى الفاكهي وبن منده من حديث بن عباس ان الفارعة بنت أبي الصلت أخت أمية اتت النبي صلى الله عليه وسلّم فأنشدته من شعره فقال