لا يستلزم ذلك ان ينفي سماعه مثل ذلك في حق غيره ويظهر لي في الجواب انه قال ذلك بعد موت المبشرين لان عبد الله بن سلام عاش بعدهم ولم يتأخر معه من العشرة غير سعد وسعيد ويؤخذ هذا من قوله يمشي على الأرض ووقع في رواية إسحاق بن الطباع عن مالك عند الدارقطني ما سمعت النبي صلى الله عليه وسلّم يقول لحي يمشي انه من أهل الجنة الحديث وفي رواية عاصم بن مهجع عن مالك عنه يقول لرجل حي وهو يؤيد ما قلته لكن وقع عند الدارقطني من طريق سعيد بن داود عن مالك ما يعكر على هذا التاويل فإنه أورده بلفظ سمعت النبي صلى الله عليه وسلّم يقول لا أقول لاحد من الاحياء انه من أهل الجنة الا لعبد الله بن سلام وبلغني انه قال وسلمان الفارسي لكن هذا السياق منكر فان كان محفوظا حمل على انه صلى الله عليه وسلّم قال ذلك قديما قبل ان يبشر غيره بالجنة وقد اخرج بن حبان من طريق مصعب بن سعد عن أبيه سبب هذا الحديث بلفظ سمعت النبي صلى الله عليه وسلّم يقول يدخل عليكم رجل من أهل الجنة فدخل عبد الله بن سلام وهذا يؤيد صحة رواية الجماعة ويضعف رواية سعيد بن داود قوله قال لا أدري قال مالك الآية أو في الحديث أي لا أدري هل قال مالك ان نزول هذه الآية في هذه القصة من قبل نفسه أو هو بهذا الإسناد وهذا الشك في ذلك من عبد الله بن يوسف شيخ البخاري ووهم من قال انه من القعنبي إذ لا ذكر للقعنبي هنا ولم ار هذا عن عبد الله بن يوسف الا عند البخاري وقد رواه عن عبد الله بن يوسف أيضا إسماعيل بن عبد الله الملقب سمويه في فوائده ولم يذكر هذا الكلام عن عبد الله بن يوسف وكذا أخرجه الإسماعيلي من وجه اخر عن عبد الله بن يوسف وكذا أخرجه الدارقطني في غرائب مالك من وجهين اخرين عن عبد الله بن يوسف وأخرجه من طريق ثالث عنه بلفظ اخر مقتصرا على الزيادة دون الحديث وقال انه وهم وروى بن منده في الإيمان من طريق إسحاق بن سيار عن عبد الله بن يوسف الحديث والزيادة وقال فيه قال إسحاق فقلت لعبد الله بن يوسف ان أبا مسهر حدثنا بهذا عن مالك ولم يذكر هذه الزيادة قال فقال عبد الله بن يوسف ان مالكا تكلم به عقب الحديث وكانت معي الواحي فكتبت انتهى وظهر بهذا سبب قوله للبخاري ما أدري الخ وقد أخرجه الإسماعيلي والدارقطني في غرائب مالك من طريق أبي مسهر وعاصم بن مهجع وعبد الله بن وهب وإسحاق بن عيسى زاد الدارقطني وسعيد بن داود وإسحاق الفروي كلهم عن مالك بدون هذه الزيادة قال فالظاهر انها مدرجة من هذا الوجه ووقع في رواية بن وهب عند الدارقطني التصريح بأنها من قول مالك الا انها قد جاءت من حديث بن عباس عند بن مردويه ومن حديث عبد الله بن سلام نفسه عند الترمذي وأخرجه بن مردويه أيضا من طرق عنه وعند بن حبان من حديث عوف بن مالك أيضا انها نزلت في عبد الله بن سلام نفسه وقد استنكر الشعبي فيما رواه عبد بن حميد عن النضر بن شميل عن بن عون عنه نزولها في عبد الله بن سلام لأنه انما اسلم بالمدينة والسورة مكية فأجاب بن سيرين بأنه لا يمتنع ان تكون السورة مكية وبعضها مدني وبالعكس وبهذا جزم أبو العباس في مقامات التنزيل فقال الاحقاف مكية الا قوله وشهد شاهد إلى اخر الايتين انتهى ولا مانع ان تكون جميعها مكية وتقع الإشارة فيها إلى ماسيقع بعد الهجرة من شهادة عبد الله بن سلام وروى عبد بن حميد في تفسيره من طريق سعيد بن جبير ان الآية نزلت في ميمون بن يامين وفي تفسير الطبري عن بن عباس انها نزلت في بن سلام وعمير بن وهب بن يامين النضري وفي تفسير مقاتل اسمه يامين بن يامين ولا مانع ان تكون نزلت في الجميع .
3602 - قوله عن محمد هو بن سيرين وقيس بن عباد بضم المهملة وتخفيف