وأما وقوع الحلف من عمر على ما ذكره فبناه على ظنه الذي اداه إليه اجتهاده وفيه بيان رجحان علم أبي بكر على عمر فمن دونه وكذلك رجحانه عليهم لثباته في مثل ذلك الأمر العظيم قوله أيها الحالف على رسلك بكسر الراء أي هينتك ولا تستعجل وتقدم في الطريق الذي بالجنائز ان أبا بكر خرج وعمر يكلم الناس فقال اجلس فأبي فتشهد أبو بكر فمال الناس إليه وتركوا عمر وقد اعتذر عمر عن ذلك كما سيأتي في باب الاستخلاف من كتاب الاحكام قوله فنشج الناس بفتح النون وكسر المعجمة بعدها جيم أي بكوا بغير انتحاب والنشج ما يعرض في حلق الباكي من الغصة وقيل هو صوت معه ترجيع كما يردد الصبي بكاءه في صدره قوله واجتمعت الأنصار إلى سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة هو سعد بن عبادة بن دليم بن حارثة الخزرجي ثم الساعدي وكان كبير الخزرج في ذلك الوقت وذكر بن إسحاق في اخر السيرة ان اسيد بن حضير في بني عبد الأشهل انحازوا إلى أبي بكر ومن معه وهؤلاء من الأوس وفي حديث بن عباس عن عمر تخلفت عنا الأنصار بأجمعها في سقيفة بني ساعدة فيجمع بانهم اجتمعوا اولا ثم افترقوا وذلك ان الخزرج والاوس كانوا فريقين وكان بينهم في الجاهلية من الحروب ما هو مشهور فزال ذلك بالإسلام وبقي من ذلك شيء في النفوس فكأنهم اجتمعوا اولا فلما رأى اسيد ومن معه من الأوس أبا بكر ومن معه افترقوا من الخزرج ايثارا لتأمير المهاجرين عليهم دون الخزرج وفيه ان عليا والزبير ومن كان معهما تخلفوا في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلّم واجتمع المهاجرون إلى أبي بكر قوله فذهب إليهم أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وأبو عبيدة في رواية بن عباس المذكورة فقلت له يا أبا بكر انطلق بنا إلى إخواننا من الأنصار وزاد أبو يعلى من رواية مالك عن الزهري فيه فبينما نحن في منزل رسول الله صلى الله عليه وسلّم إذا رجل ينادي من وراء الجدار ان اخرج الي يا بن الخطاب فقلت إليك عني فانا عنك مشاغيل يعني بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقال له انه قد حدث أمر فان الأنصار اجتمعوا في سقيفة بني ساعدة فادركوهم قبل ان يحدثوا أمرا يكون فيه حرب فقلت لأبي بكر انطلق فذكره قال فانطلقنا نؤمهم حتى لقينا رجلان صالحان فقالا لا عليكم الا تقربوهم واقضوا امركم قال فقلت والله لناتينهم فانطلقنا فإذا بين ظهرانيهم رجل مزمل فقلت من هذا قالوا سعد بن عبادة وذكر في اخر الحديث عن عروة ان الرجلين اللذين لقياهم هما عويم بن ساعدة بن عابس بن قيس بن النعمان من بني مالك بن عوف ومعن بن عدي بن الجعد بن العجلان حليفهم وهما من الأوس أيضا وكذا وقعت تسميتهما في رواية بن عيينة عن الزهري أخرجه الزبير بن بكار قوله فذهب عمر يتكلم فاسكته أبو بكر الخ وفي رواية بن عباس قال عمر أردت ان اتكلم وقد كنت زورت أي هيأت وحسنت مقالة اعجبتني أريد ان اقدمها بين يدي أبي بكر وكنت اداري منه بعض الحد أي الحدة فقال على رسلك فكرهت ان اغضبه قوله ثم تكلم أبو بكر فتكلم ابلغ الناس بنصب ابلغ على الحال ويجوز الرفع على الفاعلية أي تكلم رجل هذه صفته وقال السهيلي النصب أوجه ليكون تاكيدا لمدحه وصرف الوهم عن ان يكون أحد موصوفا بذلك غيره وفي رواية بن عباس قال قال عمر والله ما ترك كلمة اعجبتني في تزويري الا قالها في بديهته وافضل حتى سكت قوله فقال في كلامه وقع في رواية حميد بن عبد الرحمن بيان ما قال في روايته فتكلم أبو بكر فلم يترك شيئا انزل في الأنصار ولا ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلّم من شانهم الا ذكره ووقع في رواية بن عباس بيان بعض ذلك الكلام وهو اما بعد فما ذكرتم من خير فانتم أهله ولن تعرف العرب