تعالى بذكر صالح العمل واستنجاز وعده بسؤاله واستنبط منه بعض الفقهاء استحباب ذكر ذلك في الاستسقاء واستشكله المحب الطبري لما فيه من رؤية العمل والإحتقار عند السؤال في الاستسقاء أولى لأنه مقام التضرع وأجاب عن قصة أصحاب الغار بأنهم لم يستشفعوا بأعمالهم وإنما سألوا الله إن كانت أعمالهم خالصة وقبلت أن يجعل جزاءها الفرج عنهم فتضمن جوابه تسليم السؤال لكن بهذا القيد وهو حسن وقد تعرض النووي لهذا فقال في كتاب الأذكار باب دعاء الإنسان وتوسله بصالح عمله إلى الله وذكر هذا الحديث ونقل عن القاضي حسين وغيره استحباب ذلك في الاستسقاء ثم قال وقد يقال إن فيه نوعا من ترك الإفتقار المطلق ولكن النبي صلى الله عليه وسلّم أثنى عليهم بفعلهم فدل على تصويب فعلهم وقال السبكي الكبير ظهر لي أن الضرورة قد تلجىء إلى تعجيل جزاء بعض الأعمال في الدنيا وأن هذا منه ثم ظهر لي أنه ليس في الحديث رؤية عمل بالكلية لقول كل منهم إن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فلم يعتقد أحد منهم في عمله الإخلاص بل أحال أمره إلى الله فإذا لم يجزموا بالإخلاص فيه مع كونه أحسن أعمالهم فغيره أولى فيستفاد منه أن الذي يصلح في مثل هذا أن يعتقد الشخص تقصيره في نفسه ويسىء الظن بها ويبحث على كل واحد من عمله يظن أنه أخلص فيه فيفوض أمره إلى الله ويعلق الدعاء على علم الله به فحينئذ يكون إذا دعا راجيا للإجابة خائفا من الرد فإن لم يغلب على ظنه إخلاصه ولو في عمل واحد فليقف عند حده ويستحي أن يسأل بعمل ليس بخالص قال وإنما قالوا ادعوا الله بصالح أعمالكم في أول الأمر ثم عند الدعاء لم يطلقوا ذلك ولا قال واحد منهم أدعوك بعملي وإنما قال إن كنت تعلم ثم ذكر عمله انتهى ملخصا وكأنه لم يقف على كلام المحب الطبري الذي ذكرته فهو السابق إلى التنبيه على ما ذكر والله أعلم وفيه فضل الإخلاص في العمل وفضل بر الوالدين وخدمتهما وايثارهما على الولد والأهل وتحمل المشقة لأجلهما وقد استشكل تركه أولاده الصغار يبكون من الجوع طول ليلتهما مع قدرته على تسكين جوعهم فقيل كان في شرعهم تقديم نفقة الأصل على غيرهم وقيل يحتمل أن بكاءهم ليس عن الجوع وقد تقدم ما يرده وقيل لعلهم كانوا يطلبون زيادة على سد الرمق وهذا أولى وفيه فضل العفة والإنكفاف عن الحرام مع القدرة وأن ترك المعصية يمحو مقدمات طلبها وأن التوبة تجب ما قبلها وفيه جواز الإجارة بالطعام المعلوم بين المتآجرين وفضل أداء الأمانة وإثبات الكرامة للصالحين واستدل به على جواز بيع الفضولي وقد تقدم البحث فيه في البيوع وفيه أن المستودع إذا اتجر في مال الوديعة كان الربح لصاحب الوديعة قاله أحمد وقال الخطابي خالفه الأكثر فقالوا إذا ترتب المال في ذمة الوديع وكذا المضارب كأن تصرف فيه بغير ما أذن له فيلزم ذمته آنه إن اتجر فيه كان الربح له وعن أبي حنيفة الغرامة عليه وأما الربح فهو له لكن يتصدق به وفصل الشافعي فقال أن اشترى في ذمته ثم نقد الثمن من مال الغير فالعقد له والربح له وأن اشترى بالعين فالربح للمالك وقد تقدم نقل الخلاف فيه في البيوع أيضا وفيه الإخبار عما جرى للأمم الماضية ليعتبر السامعون بأعمالهم فيعمل بحسنها ويترك قبيحها والله أعلم تنبيه لم يخرج الشيخان هذا الحديث إلا من رواية بن عمر وجاء بإسناد صحيح عن أنس أخرجه الطبراني في الدعاء من وجه آخر حسن وبإسناد حسن عن أبي هريرة وهو في صحيح بن حبان وأخرجه الطبراني من وجه آخر عن أبي هريرة وعن النعمان بن بشير من ثلاثة أوجه حسان أحدها عند أحمد والبزار وكلها عند الطبراني وعن علي وعقبة بن عامر وعبد الله بن عمرو بن العاص وبن أبي أوفى بأسانيد ضعيفة وقد استوعب طرقه أبو عوانة في