الأحاديث إن كان مناما فلا إشكال فيه وإن كان في اليقظة ففيه إشكال وقد تقدم في الحج ويأتي في اللباس من رواية بن عون عن مجاهد عن بن عباس في حديث الباب من الزيادة وأما موسى فرجل آدم جعد على جمل أحمر مخطوم بخلبة كأني أنظر إليه إذا انحدر في الوادي وهذا مما يزيد الإشكال وقد قيل عن ذلك أجوبة أحدها أن الأنبياء أفضل من الشهداء والشهداء أحياء عند ربهم فكذلك الأنبياء فلا يبعد أن يصلوا ويحجوا ويتقربوا إلى الله بما استطاعوا ما دامت الدنيا وهي دار تكليف باقية ثانيها أنه صلى الله عليه وسلّم أرى حالهم التي كانوا في حياتهم عليها فمثلوا له كيف كانوا وكيف كان حجهم وتلبيتهم ولهذا قال أيضا في رواية أبي العالية عن بن عباس عند مسلم كأني أنظر إلى موسى وكأني أنظر إلى يونس ثالثها أن يكون أخبر عما أوحي إليه صلى الله عليه وسلّم من أمرهم وما كان منهم فلهذا أدخل حرف التشبيه في الرواية وحيث أطلقها فهي محمولة على ذلك والله أعلم وقد جمع البيهقي كتابا لطيفا في حياة الأنبياء في قبورهم أورد فيه حديث أنس الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون أخرجه من طريق يحيى بن أبي كثير وهو من رجال الصحيح عن المستلم بن سعيد وقد وثقه أحمد وبن حبان عن الحجاج الأسود وهو بن أبي زياد البصري وقد وثقه أحمد وبن معين عن ثابت عنه وأخرجه أيضا أبو يعلى في مسنده من هذا الوجه وأخرجه البزار لكن وقع عنده عن حجاج الصواف وهو وهم والصواب الحجاج الأسود كما وقع التصريح به في رواية البيهقي وصححه البيهقي وأخرجه أيضا من طريق الحسن بن قتيبة عن المستلم وكذلك أخرجه البزار وبن عدي والحسن بن قتيبة ضعيف وأخرجه البيهقي أيضا من رواية محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى أحد فقهاء الكوفة عن ثابت بلفظ آخر قال أن الأنبياء لا يتركون في قبورهم بعد أربعين ليلة ولكنهم يصلون بين يدي الله حتى ينفخ في الصور ومحمد سيئ الحفظ وذكر الغزالي ثم الرافعي حديثا مرفوعا أنا أكرم على ربي من أن يتركني في قبري بعد ثلاث ولا أصلي له إلا أن أخذ من رواية بن أبي ليلى هذه وليس الأخذ بجيد لأن رواية بن أبي ليلى قابلة للتأويل قال البيهقي أن صح فالمراد أنهم لا يتركون يصلون إلا هذا المقدار ثم يكونون مصلين بين يدي الله قال البيهقي وشاهد الحديث الأول ما ثبت في صحيح مسلم من رواية حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس رفعه مررت بموسى ليلة أسري بي عند الكثيب الأحمر وهو قائم يصلي في قبره وأخرجه أيضا من وجه آخر عن أنس فإن قيل هذا خاص بموسى قلنا قد وجدنا له شاهدا من حديث أبي هريرة أخرجه مسلم أيضا من طريق عبد الله بن الفضل عن أبي سلمة عن أبي هريرة رفعه لقد رأيتني في الحجر وقريش تسألني عن مسراي الحديث وفيه وقد رأيتني في جماعة من الأنبياء فإذا موسى قائم يصلي فإذا رجل ضرب جعد كأنه وفيه وإذا عيسى بن مريم قائم يصلي أقرب الناس به شبها عروة بن مسعود وإذا إبراهيم قائم يصلي أشبه الناس به صاحبكم فحانت الصلاة فأممتهم قال البيهقي وفي حديث سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أنه لقيهم ببيت المقدس فحضرت الصلاة فأمهم نبينا صلى الله عليه وسلّم ثم اجتمعوا في بيت المقدس وفي حديث أبي ذر ومالك بن صعصعة في قصة الإسراء أنه لقيهم بالسماوات وطرق ذلك صحيحة فيحمل على أنه رأى موسى قائما يصلي في قبره ثم عرج به هو ومن ذكر من الأنبياء إلى السماوات فلقيهم النبي صلى الله عليه وسلّم ثم اجتمعوا في بيت المقدس فحضرت الصلاة فأمهم نبينا صلى الله عليه وسلّم قال وصلاتهم في أوقات مختلفة