تنشق السماء والأرض وتعقبه القرطبي بأنه صرح صلى الله عليه وسلّم بأنه حين يخرج من قبره يلقى موسى وهو متعلق بالعرش وهذا إنما هو عند نفخة البعث انتهى ويرده قوله صريحا كما تقدم أن الناس يصعقون فأصعق معهم إلى آخر ما تقدم قال ويؤيده أنه عبر بقوله أفاق لأنه إنما يقال أفاق من الغشي وبعث من الموت وكذا عبر عن صعقة الطور بالإفاقة لأنها لم تكن موتا بلاشك وإذا تقرر ذلك كله ظهر صحة الحمل على أنها غشية تحصل للناس في الموقف هذا حاصل كلامه وتعقبه قوله فأكون أول من يفيق لم تختلف الروايات في الصحيحين في إطلاق الأولية ووقع في رواية إبراهيم بن سعد عند أحمد والنسائي فأكون في أول من يفيق أخرجه أحمد عن أبي كامل والنسائي من طريق يونس بن محمد كلاهما عن إبراهيم فعرف أن إطلاق الأولية في غيرها محمول عليها وسببه التردد في موسى عليه السلام كما سيأتي وعلى هذا يحمل سائر ما ورد في هذا الباب كحديث أنس عند مسلم رفعه أنا أول من تنشق عنه الأرض وحديث عبد الله بن سلام عند الطبراني قوله فإذا موسى باطش بجانب العرش أي آخذ بشيء من العرش بقوة والبطش الأخذ بقوة وفي رواية بن الفضل فإذا موسى آخذ بالعرش وفي حديث أبي سعيد آخذ بقائمة من قوائم العرش وكذا في رواية محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قوله فلا أدري أكان ممن صعق فأفاق قبلي أو كان ممن استثنى الله أي فلم يكن ممن صعق أي فإن كان أفاق قبلي فهي فضيلة ظاهرة وأن كان ممن استثنى الله فلم يصعق فهي فضيلة أيضا ووقع في حديث أبي سعيد فلا أدري كان فيمن صعق أي فأفاق قبلي أم حوسب بصعقته الأولى أي التي صعقها لما سأل الرؤية وبين ذلك بن الفضل في روايته بلفظ أحوسب بصعقته يوم الطور والجمع بينه وبين قوله أو كان ممن استثنى الله أن في رواية بن الفضل وحديث أبي سعيد بيان السبب في استثنائه وهو أنه حوسب بصعقته يوم الطور فلم يكلف بصعقة أخرى والمراد بقوله ممن استثنى الله قوله إلا من شاء الله وأغرب الداودي الشارح فقال معنى قوله استثنى الله أي جعله ثانيا كذا قال وهو غلط شنيع وقد وقع في مرسل الحسن في كتاب البعث لابن أبي الدنيا في هذا الحديث فلا أدري أكان ممن استثنى الله أن لا تصيبه النفخة أو بعث قبلي وزعم بن القيم في كتاب الروح أن هذه الرواية وهو قوله أكان ممن استثنى الله وهم من بعض الرواة والمحفوظ أو جوزى بصعقة الطور قال لأن الذين استثنى الله قد ماتوا من صعقة النفخة لا من الصعقة الأخرى فظن بعض الرواة أن هذه صعقة النفخة وأن موسى داخل فيمن استثنى الله قال وهذا لا يلتئم على سياق الحديث فإن الإقامة حينئذ هي إفاقة البعث فلا يحسن التردد فيها وأما الصعقة العامة فإنها تقع إذا جمعهم الله تعالى لفصل القضاء فيصعق الخلق حينئذ جميعا إلا من شاء الله ووقع التردد في موسى عليه السلام قال ويدل على ذلك قوله وأكون أول من يفيق وهذا دال على أنه ممن صعق وتردد في موسى هل صعق فأفاق قبله أم لم يصعق قال ولو كان المراد الصعقة الأولى للزم أن يكون النبي صلى الله عليه وسلّم جزم بأنه مات وتردد في موسى هل مات أم لا والواقع أن موسى قد كان مات لما تقدم من الأدلة فدل على أنها صعقة فزع لا صعقة موت والله أعلم ووقع في رواية محمد بن عمرو عن أبي سلمة عند بن مردويه أنا أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة فأنفض التراب عن رأسي فآتى قائمة العرش فأجد موسى قائما عندها فلا أدري أنفض التراب عن رأسه قبلي أو كان ممن استثنى الله ويحتمل قوله في هذه الرواية أنفض التراب قبلي تجويز المعية في الخروج من القبر أو هي كناية عن الخروج من القبر وعلى كل تقدير ففيه فضيلة لموسى