وعقابهم فلم يختلف من أثبت تكليفهم أنهم يعاقبون على المعاصي واختلف هل يثابون فروى الطبري وبن أبي حاتم من طريق أبي الزناد موقوفا قال إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار قال الله لمؤمن الجن وسائر الأمم أي من غير الإنس كونوا ترابا فحينئذ يقول الكافر يا ليتني كنت ترابا وروى بن أبي الدنيا عن ليث بن أبي سليم قال ثواب الجن أن يجاروا من النار ثم يقال لهم كونوا ترابا وروى عن أبي حنيفة نحو هذا القول وذهب الجمهور إلى أنهم يثابون على الطاعة وهو قول الأئمة الثلاثة والأوزاعي وأبي يوسف ومحمد بن الحسن وغيرهم ثم اختلفوا هل يدخلون مدخل الإنس على أربعة أقوال أحدها نعم وهو قول الأكثر وثانيها يكونون في ربض الجنة وهو منقول عن مالك وطائفة وثالثها أنهم أصحاب الأعراف ورابعها التوقف عن الجواب في هذا وروى بن أبي حاتم من طريق أبي يوسف قال قال بن أبي ليلى في هذا لهم ثواب قال فوجدنا مصداق ذلك في كتاب الله تعالى ولكل درجات مما عملوا قلت وإلى هذا أشار المصنف بقوله قبلها يا معشر الجن ألم يأتكم رسل منكم فإن قوله ولكل درجات مما عملوا يلي الآية التي بعد هذه الآية واستدل بهذه الآية أيضا بن عبد الحكم واستدل بن وهب بمثل ذلك بقوله تعالى أولئك الذين حق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والأنس الآية فإن الآية بعدها أيضا ولكل درجات مما عملوا وروى أبو الشيخ في تفسيره عن مغيث بن سمى أحد التابعين قال ما من شيء الا وهو يسمع زفير جهنم الا الثقلين الذين عليهم الحساب والعقاب ونقل عن مالك أنه استدل على أن عليهم العقاب ولهم الثواب بقوله تعالى ولمن خاف مقام ربه جنتان ثم قال فبأي آلاء ربكما تكذبان والخطاب للإنس والجن فإذا ثبت أن فيهم مؤمنين والمؤمن من شأنه أن يخاف مقام ربه ثبت المطلوب والله أعلم قوله بخسا نقصانا يريد تفسير قوله تعالى حكاية عن الجن فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا ولا رهقا قال يحيى الفراء البخس النقص والرهق الظلم ومفهوم الآية أن من يكفر فإنه يخاف فدل ذلك على ثبوت تكليفهم قوله وقال مجاهد وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا الخ وصله الفريابي من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد به وفيه فقال أبو بكر فمن أمهاتهم قالوا بنات سروات الجن الخ وفيه قال علمت الجن أنهم سيحضرون للحساب قلت وهذا الكلام الأخير هو المتعلق بالترجمة وسروات بفتح المهملة والراء جمع سرية بتخفيف الراء أي شريفة ووقع هنا في رواية أبي ذر وأمهاتهن ولغيره وأمهاتهم وهو أصوب ووقع أيضا لغير الكشميهني جند محضرون بالافراد روايته أشبه قوله جند محضرون عند الحساب وصله الفريابي أيضا بالإسناد المذكور عن مجاهد ثم ذكر المصنف حديث أبي سعيد لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا أنس الا شهد له وقد تقدم مشروحا في كتاب الأذان والغرض منه هنا أنه يدل على أن الجن يحشرون يوم القيامة والله أعلم قوله أولئك في ضلال مبين