أنه يريد افساد دينه وعقله بهذه الوسوسة فينبغي أن يجتهد في دفعها بالاشتغال بغيرها قال الخطابي وجه هذا الحديث أن الشيطان إذا وسوس بذلك فاستعاذ الشخص بالله منه وكف عن مطاولته في ذلك اندفع قال وهذا بخلاف ما لو تعرض أحد من البشر بذلك فإنه يمكن قطعه بالحجة والبرهان قال والفرق بينهما أن الآدمي يقع منه الكلام بالسؤال والجواب والحال معه محصور فإذا راعى الطريقة وأصاب الحجة انقطع وأما الشيطان فليس لوسوسته انتهاء بل كلما ألزم حجة زاغ إلى غيرها إلى أن يفضى بالمرء إلى الحيرة نعوذ بالله من ذلك قال الخطابي على أن قوله من خلق ربك كلام متهافت ينقض آخره أوله لأن الخالق يستحيل أن يكون مخلوقا ثم لو كان السؤال متجها لاستلزم التسلسل وهو محال وقد أثبت العقل أن المحدثات مفتقرة إلى محدث فلو كان هو مفتقرا إلى محدث لكان من المحدثات انتهى والذي نحا إليه من التفرقة بين وسوسة الشيطان ومخاطبة البشر فيه نظر لأنه ثبت في مسلم من طريق هشام بن عروة عن أبيه في هذا الحديث لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال هذا خلق الله الخلق فمن خلق الله فمن وجد من ذلك شيئا فليقل آمنت بالله فسوى في الكف عن الخوض في ذلك بين كل سائل عن ذلك من بشر وغيره وفي رواية لمسلم عن أبي هريرة قال سألني عنها اثنان وكان السؤال عن ذلك لما كان واهيا لم يستحق جوابا أو الكف عن ذلك نظير الأمر بالكف عن الخوض في الصفات والذات قال المازري الخواطر على قسمين فالتي لا تستقر ولا يجلبها شبهة هي التي تندفع بالاعراض عنها وعلى هذا ينزل الحديث وعلى مثلها ينطلق اسم وسوسة وأما الخواطر المستقرة الناشئة عن الشبهة فهي التي لا تندفع الا بالنظر والاستدلال وقال الطيبي إنما أمر بالاستعاذة والاشتغال بأمر آخر ولم يأمر بالتأمل والاحتجاج لأن العلم باستغناء الله جل وعلا عن الموجد أمر ضروري لا يقبل المناظرة ولأن الاسترسال في الفكر في ذلك لا يزيد المرء الا حيرة ومن هذا حاله فلا علاج له الا الملجأ إلى الله تعالى والاعتصام به وفي الحديث إشارة إلى ذم كثرة السؤال عما لا يعني المرء وعما هو مستغن عنه وفيه علم من أعلام النبوة لاخباره بوقوع ما سيقع فوقع وسيأتي مزيد لهذا في كتاب الاعتصام أن شاء الله تعالى الحديث التاسع حديث أبي هريرة إذا دخل رمضان صفدت الشياطين تقدم شرحه في الصيام العاشر حديث أبي بن كعب في قصة موسى والخضر سيأتي شرحه في التفسير الحديث الحادي عشر حديث بن عمر في طلوع الفتنة من قبل المشرق سيأتي شرحه في الفتن وحاصله أن منشأ الفتن من جهة المشرق وكذا وقع الثاني عشر حديث جابر ومحمد بن عبد الله الأنصاري المذكور في السند هو من شيوخ البخاري وحدث عنه هنا بواسطة .
3106 - قوله إذا استجنح الليل أو كان جنح الليل في رواية الكشميهني أو قال جنح الليل وهو بضم الجيم وبكسرها والمعنى اقباله بعد غروب الشمس يقال جنح الليل أقبل واستجنح حان جنحه أو وقع وحكى عياض أنه وقع في رواية أبي ذر استنجع بالعين المهملة بدل الحاء وهو تصحيف وعند الأصيلي أول الليل بدل قوله أو كان جنح الليل وكان في قوله وكان جنح الليل تامة أي حصل قوله فخلوهم كذا للأكثر بفتح الخاء المعجمة وللسرخسي بضم الحاء المهملة قال بن الجوزي إنما خيف على الصبيان في تلك الساعة لأن النجاسة التي تلوذ بها الشياطين موجودة معهم غالبا والذكر الذي يحرز منهم مفقود من الصبيان غالبا والشياطين عند انتشارهم يتعلقون بما يمكنهم التعلق به فلذلك خيف على الصبيان في ذلك الوقت والحكمة في انتشارهم حينئذ أن حركتهم في الليل أمكن منها لهم في النهار لأن الظلام أجمع للقوى الشيطانية من غيره وكذلك