فلا تقولوا انزل على حكم الله فإنكم لا تدرون ما حكم الله ولكن أنزلوهم على حكمكم ثم اقضوا فيهم وإذا لقي الرجل الرجل فقال لا تخف فقد أمنه وإذا قال مترس فقد أمنه أن الله يعلم الألسنة كلها وأول هذا الأثر أخرجه مسلم من طريق بريدة مرفوعا في حديث طويل ومترس كلمة فارسية معناها لا تخف وهي بفتح الميم وتشديد المثناة واسكان الراء بعدها مهملة وقد تخفف التاء وبه جزم بعض من لقيناه من العجم وقيل بإسكان المثناة وفتح الراء ووقع في الموطأ رواية يحيى بن يحيى الأندلسي مطرس بالطاء بدل المثناة قال بن قرقول هي كلمة أعجمية والظاهر أن الراوي فخم المثناة فصارت تشبه الطاء كما يقع من كثير من الاندلسيين قوله وقال تكلم لا بأس فاعل قال هو عمر وروى بن أبي شيبة ويعقوب بن سفيان في تاريخه من طرق بإسناد صحيح عن أنس بن مالك قال حاصرنا تستر فنزل الهرمزان على حكم عمر فلما قدم به عليه استعجم فقال له عمر تكلم لا بأس عليك وكان ذلك تأمينا من عمر ورويناه مطولا في سنن سعيد بن منصور حدثنا هشيم أخبرنا حميد وفي نسخة إسماعيل بن جعفر من طريق بن خزيمة عن علي بن حجر عنه عن حميد عن أنس قال بعث معي أبو موسى بالهرمزان إلى عمر فجعل عمر يكلمه فلا يتكلم فقال له تكلم قال أكلام حي أم كلام ميت قال تكلم لا بأس فذكر القصة فأل فأراد قتله فقلت لا سبيل إلى ذلك قد قلت له تكلم لا بأس فقال من يشهد لك فشهد لي الزبير بمثل ذلك فتركه فأسلم وفرض له في العطاء قال بن المنير يستفاد منه أن الحاكم إذا نسي حكمه فشهد عنده اثنان به نفذه وأنه إذا توقف في قبول شهادة الواحد فشهد الثاني بوفقه انتفت الريبة ولا يكون ذلك قدحا في شهادة الأول وقوله أن الله يعلم الألسنة كلها المراد اللغات ويقال أنها اثنتان وسبعون لغة ستة عشر في ولد سام ومثلها في ولد حام والبقية في ولد يافث .
( قوله باب الموادعة والمصالحة مع المشركين بالمال وغيره ) .
أي كالاسرى قوله وأن جنحوا للسلم جنحوا طلبوا السلم فاجنح لها أي أن هذه الآية دالة على مشروعية المصالحة مع المشركين وتفسير جنحوا بطلبوا هو للمصنف وقال غيره معنى جنحوا مالوا وقال أبو عبيدة السلم والسلم واحد وهو الصلح وقال