يقرب من حديث الباب أنه كان من الخمس لأنه أضاف الاثني عشر إلى سهمانهم فكأنه أشار إلى أن ذلك قد تقرر لهم استحقاقه من الأخماس الأربعة الموزعة عليهم فيبقى للنفل من الخمس قلت ويؤيده ما رواه مسلم في حديث الباب من طريق الزهري قال بلغني عن بن عمر قال نفل رسول الله صلى الله عليه وسلّم سرية بعثها قبل نجد من إبل جاؤوا بها نفلا سوى نصيبهم من المغنم لم يسق مسلم لفظه وساقه الطحاوي ويؤيده أيضا ما رواه مالك عن عبد ربه بن سعيد عن عمرو بن شعيب أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال مالي مما أفاء الله عليكم الا الخمس وهو مردود عليكم وصله النسائي من وجه آخر حسن عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وأخرجه أيضا بإسناد حسن من حديث عبادة بن الصامت فإنه يدل على أن ما سوى الخمس للمقاتلة وروى مالك أيضا عن أبي الزناد أنه سمع سعيد بن المسيب قال كان الناس يعطون النفل من الخمس قلت وظاهره اتفاق الصحابة على ذلك وقال بن عبد البر أن أراد الإمام تفضيل بعض الجيش لمعنى فيه فذلك من الخمس لا من رأس الغنيمة وأن انفردت قطعة فأراد أن ينفلها مما غنمت دون سائر الجيش فذلك من غير الخمس بشرط أن لا يزيد على الثلث انتهى وهذا الشرط قال به الجمهور وقال الشافعي لا يتحدد بل هو راجع إلى ما يراه الإمام من المصلحة ويدل له قوله تعالى قل الأنفال لله والرسول ففوض إليه أمرها والله أعلم وقال الأوزاعي لا ينفل من أول الغنيمة ولا ينفل ذهبا ولا فضة وخالفه الجمهور وحديث الباب من رواية بن إسحاق يدل لما قالوا واستدل به على تعين قسمة أعيان الغنيمة لا أثمانها وفيه نظر لاحتمال أن يكون وقع ذلك اتفاقا أو بيانا للجواز وعند المالكية فيه أقوال ثالثها التخيير وفيه أن أمير الجيش إذا فعل مصلحة لم ينقضها الإمام الرابع حديثه كان ينفل بعض من يبعث من السرايا لأنفسهم خاصة سوى قسم عامة الجيش وأخرجه مسلم وزاد في آخره والخمس واجب في ذلك كله وليس فيه حجة لأن النفل من الخمس لا من غيره بل هو محتمل لكل من الأقوال نعم فيه دليل على أنه يجوز تخصيص بعض السرية بالتنفيل دون بعض قال بن دقيق العيد للحديث تعلق بمسائل الإخلاص في الأعمال وهو موضع دقيق المأخذ ووجه تعلقه به أن التنفيل يقع للترغيب في زيادة العمل والمخاطرة في الجهاد ولكن لم يضرهم ذلك قطعا لكونه صدر لهم من النبي صلى الله عليه وسلّم فيدل على أن بعض المقاصد الخارجة عن محض التعبد لا تقدح في الإخلاص لكن ضبط قانونها وتمييزها مما تضر مداخلته مشكل جدا الخامس حديث أبي موسى في مجيئهم من الحبشة وفي آخره وما قسم لأحد غاب عن فتح خيبر منها شيئا الا لمن شهد معه الا أصحاب سفينتنا مع جعفر وأصحابه قسم لهم معهم وسيأتي شرحه مستوفى في غزوة خيبر من كتاب المغازي والغرض منه هذا الكلام الأخير قال بن المنير أحاديث الباب مطابقة لما ترجم به الا هذا الأخير فإن ظاهره أنه E قسم لهم من أصل الغنيمة لا من الخمس إذ لو كان من الخمس لم يكن لهم بذلك خصوصية والحديث ناطق بها قال لكن وجه المطابقة أنه إذا جاز للأمام أن يجتهد وينفذ اجتهاده في الأخماس الأربعة المختصة بالغانمين فيقسم منها لمن لم يشهد الوقعة فلأن ينفذ اجتهاده في الخمس الذي لا يستحقه معين وأن استحقه صنف مخصوص أولى وقال بن التين يحتمل أن يكون أعطاهم برضا بقية الجيش انتهى وهذا جزم به موسى بن عقبة في مغازيه ويحتمل أن يكون إنما أعطاهم من الخمس وبهذا جزم أبو عبيد في كتاب الأموال وهو الموافق لترجمة البخاري وأما قول بن المنير لو كان من الخمس لم يكن هناك تخصيص فظاهر لكن يحتمل أن يكون من الخمس وخصهم بذلك دون غيرهم ممن كان