نصيبك من بن أخيك وفيه فقلت لكما أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال لا نورث فاشتمل هذا الفصل على مخالفة إسحاق لبقية الرواة عن مالك في كونهم جعلوا القصة عند أبي بكر وجعلوا الحديث المرفوع من حديث أبي بكر من رواية عمر عنه وإسحاق الفروي جعل القصة عند عمر وجعل الحديث المرفوع من روايته عن النبي صلى الله عليه وسلّم بغير واسطة أبي بكر وقد وقع في رواية شعيب عن بن شهاب نظير ما وقع في رواية إسحاق الفروي سواء وكذلك وقع في رواية يونس عن بن شهاب عند عمر بن شبة وأما رواية عقيل الآتية في الفرائض فاقتصر فيها على أن القصة وقعت عند عمر بغير ذكر الحديث المرفوع أصلا وهذا يشعر بأن لسياق إسحاق الفروي أصلا فلعل القصتين محفوظتان واقتصر بعض الرواة على ما لم يذكره الآخر ولم يتعرض أحد من الشراح لبيان ذلك وفي ذلك اشكال شديد وهو أن أصل القصة صريح في أن العباس وعليا قد علما بأنه صلى الله عليه وسلّم قال لا نورث فإن كانا سمعاه من النبي صلى الله عليه وسلّم فكيف يطلبانه من أبي بكر وأن كانا إنما سمعاه من أبي بكر أو في زمنه بحيث أفاد عندهما العلم بذلك فكيف يطلبانه بعد ذلك من عمر والذي يظهر والله أعلم حمل الأمر في ذلك على ما تقدم في الحديث الذي قبله في حق فاطمة وأن كلا من علي وفاطمة والعباس اعتقد أن عموم قوله لا نورث مخصوص ببعض ما يخلفه دون بعض ولذلك نسب عمر إلى علي وعباس إنهما كانا يعتقدان ظلم من خالفهما في ذلك وأما مخاصمة علي وعباس بعد ذلك ثانيا عند عمر فقال إسماعيل القاضي فيما رواه الدارقطني من طريقه لم يكن في الميراث إنما تنازعا في ولاية الصدقة وفي صرفها كيف تصرف كذا قال لكن في رواية النسائي وعمر بن شبة من طريق أبي البختري ما يدل على إنهما أرادا أن يقسم بينهما على سبيل الميراث ولفظه في آخره ثم جئتماني الآن تختصمان يقول هذا أريد نصيبي من بن أخي ويقول هذا أريد نصيبي من امرأتي والله لا أقضي بينكما الا بذلك أي الا بما تقدم من تسليمها لهما على سبيل الولاية وكذا وقع عند النسائي من طريق عكرمة بن خالد عن مالك بن أوس نحوه وفي السنن لأبي داود وغيره أرادا أن عمر يقسمها لينفرد كل منهما بنظر ما يتولاه فامتنع عمر من ذلك وأراد أن لا يقع عليها اسم قسم ولذلك أقسم على ذلك وعلى هذا اقتصر أكثر الشراح واستحسنوه وفيه من النظر ما تقدم وأعجب من ذلك جزم بن الجوزي ثم الشيخ محيي الدين بأن عليا وعباسا لم يطلبا من عمر الا ذلك مع أن السياق صريح في أنهما جاءاه مرتين في طلب شيء واحد لكن العذر لابن الجوزي والنووي إنهما شرحا اللفظ الوارد في مسلم دون اللفظ الوارد في البخاري والله أعلم وأما قول عمر جئتني يا عباس تسألني نصيبك من بن أخيك فإنما عبر بذلك لبيان قسمة الميراث كيف يقسم أن لو كان هناك ميراث لا أنه أراد الغض منهما بهذا الكلام وزاد الإمامي عن بن شهاب عند عمر بن شبة في آخره فأصلحا أمركما وإلا لم يرجع والله إليكما فقاما وتركا الخصومة وأمضيت صدقة وزاد شعيب في آخره قال بن شهاب فحدثت به عروة فقال صدق مالك بن أوس أنا سمعت عائشة تقول فذكر حديثا قال وكانت هذه الصدقة بيد على منعها عباسا فغلبه عليها ثم كانت بيد الحسن ثم بيد الحسين ثم بيد علي بن الحسين والحسن بن الحسن ثم بيد زيد بن الحسن وهي صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلّم حقا وروى عبد الرزاق عن معمر عن الزهري مثله وزاد في آخره قال معمر ثم كانت بيد عبد الله بن حسن حتى ولي هؤلاء يعني بني العباس فقبضوها وزاد إسماعيل القاضي أن أعراض العباس عنها كان في خلافة عثمان قال عمر بن شبة سمعت أبا غسان هو محمد بن يحيى المدني يقول أن الصدقة المذكورة اليوم بيد الخليفة يكتب في عهده يولى عليها من قبله من