امتحان النبي صلى الله عليه وسلّم له بهذه الآية الإشارة إلى أن عيسى بن مريم يقتل الدجال بحبل الدخان فأراد التعريض لابن صياد بذلك واستبعد الخطابي ما تقدم وصوب أنه خبأ له الدخ وهو نبت يكون بين البساتين وسبب استبعاده له أن الدخان لا يخبأ في اليد ولا الكم ثم قال الا أن يكون خبأ له اسم الدخان في ضميره وعلى هذا فيقال كيف اطلع بن صياد أو شيطانه على ما في الضمير ويمكن أن يجاب باحتمال أن يكون النبي صلى الله عليه وسلّم تحدث مع نفسه أو أصحابه بذلك قبل أن يختبره فاسترق الشيطان ذلك أو بعضه قوله اخسأ سيأتي الكلام عليها في كتاب الأدب في باب مفرد قوله فلن تعدو قدرك أي لن تجاوز ما قدر الله فيك أو مقدار أمثالك من الكهان قال العلماء استكشف النبي صلى الله عليه وسلّم أمره ليبين لأصحابه تمويهه لئلا يلتبس حاله على ضعيف لم يتمكن في الإسلام ومحصل ما أجاب به النبي صلى الله عليه وسلّم أنه قال له على طريق الفرض والتنزل أن كنت صادقا في دعواك الرسالة ولم يختلط عليك الأمر آمنت بك وأن كنت كاذبا وخلط عليك الأمر فلا وقد ظهر كذبك والتباس الأمر عليك فلا تعدو قدرك قوله أن يكن هو كذا للأكثر وللكشميهني أن يكن على وصل الضمير واختار بن مالك جوازه ثم الضمير لغير مذكور لفظا وقد وقع في حديث بن مسعود عند أحمد أن يكون هو الذي تخاف فلن تستطيعه وفي مرسل عروة عند الحارث بن أبي أسامة أن يكن هو الدجال قوله فلن تسلط عليه في حديث جابر فلست بصاحبه إنما صاحبه عيسى بن مريم قوله وأن لم يكن هو فلا خير لك في قتله قال الخطابي وإنما لم يأذن النبي صلى الله عليه وسلّم في قتله مع ادعائه النبوة بحضرته لأنه كان غير بالغ ولأنه كان من جملة أهل العهد قلت الثاني هو المتعين وقد جاء مصرحا به في حديث جابر عند أحمد وفي مرسل عروة فلا يحل لك قتله ثم أن في السؤال عندي نظرا لأنه لم يصرح بدعوى النبوة وإنما أوهم أنه يدعي الرسالة ولا يلزم من دعوى الرسالة دعوى النبوة قال الله تعالى إنا أرسلنا الشياطين على الكافرين الآية .
2891 - قوله قال بن عمر انطلق النبي صلى الله عليه وسلّم هو وأبي بن كعب هذه هي القصة الثانية من هذا الحديث وهو موصول بالإسناد الأول وقد أفردها أحمد عن عبد الرزاق بإسناد حديث الباب ووقع في حديث جابر ثم جاء النبي صلى الله عليه وسلّم ومعه أبو بكر وعمر ونفر من المهاجرين والأنصار وأنا معهم ولأحمد من حديث أبي الطفيل أنه حضر ذلك أيضا وقد تقدم في الجنائز شرح ما في هذا الفصل من المفردات وبيان اختلاف الرواة وقوله طفق أي جعل ويتقي أي يستتر ويختل أي يسمع في خفية ووقع في حديث جابر رجاء أن يسمع من كلامه شيئا ليعلم أصادق هو أم كاذب قوله أي صاف بمهملة وفاء وزن باغ زاد في رواية يونس هذا محمد وفي حديث جابر فقالت يا عبد الله هذا أبو القاسم قد جاء وكأن الراوي عبر باسمه الذي تسمى به في الإسلام وأما اسمه الأول فهو صاف قوله لو تركته بين أي أظهر لنا من حاله ما نطلع به على حقيقته والضمير لأم بن صياد أي لو لم تعلمه بمجيئنا لتمادى على ما كان فيه فسمعنا ما يستكشف به أمره وغفل بعض الشراح فجعل الضمير للزمزمة أي لو لم يتكلم بها لفهمنا كلامه لكن عدم فهمنا لما يقول كونه يهمهم كذا قال والأول هو المعتمد .
2892 - قوله وقال سالم قال بن عمر هذه هي القصة الثالثة وهي موصولة بالإسناد المذكور وقد أفردها أحمد أيضا وسيأتي الكلام عليها في الفتن وفي قصة بن صياد اهتمام الإمام بالأمور التي يخشى منها الفساد والتنقيب عليها وإظهار كذب المدعى الباطل وامتحانه بما يكشف حاله والتجسس على أهل الريب وأن النبي صلى الله عليه وسلّم كان يجتهد فيما لم يوح إليه فيه وقد اختلف العلماء في أمر بن صياد