وأما ما أخرجه الترمذي من حديث حكيم بن معاوية قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول لا شؤم وقد يكون اليمن في المرأة والدار والفرس ففي إسناده ضعف مع مخالفته للأحاديث الصحيحة وقال عبد الرزاق في مصنفه عن معمر سمعت من يفسر هذا الحديث يقول شؤم المرأة إذا كانت غير ولود وشؤم الفرس إذا لم يغز عليه وشؤم الدار جار السوء وروى أبو داود في الطب عن بن القاسم عن مالك أنه سئل عنه فقال كم من دار سكنها ناس فهلكوا قال المازري فيحمله مالك على ظاهره والمعنى أن قدر الله ربما اتفق ما يكره عند سكنى الدار فتصير في ذلك كالسبب فتسامح في إضافة الشيء إليه اتساعا وقال بن العربي لم يرد مالك إضافة الشؤم إلى الدار وإنما هو عبارة عن جرى العادة فيها فأشار إلى أنه ينبغي للمرء الخروج عنها صيانة لاعتقاده عن التعلق بالباطل وقيل معنى الحديث أن هذه الأشياء يطول تعذيب القلب بها مع كراهة أمرها لملازمتها بالسكنى والصحبية ولو لم يعتقد الإنسان الشؤم فيها فأشار الحديث إلى الأمر بفراقها ليزول التعذيب قلت وما أشار إليه بن العربي في تأويل كلام مالك أولى وهو نظير الأمر بالفرار من المجذوم مع صحة نفي العدوى والمراد بذلك حسم المادة وسد الذريعة لئلا يوافق شيء من ذلك القدر فيعتقد من وقع له أن ذلك من العدوى أو من الطيرة فيقع في اعتقاد ما نهى عن اعتقاده فأشير إلى اجتناب مثل ذلك والطريق فيمن وقع له ذلك في الدار مثلا أن يبادر إلى التحول منها لأنه متى استمر فيها ربما حمله ذلك على اعتقاد صحة الطيرة والتشاؤم وأما ما رواه أبو داود وصححه الحاكم من طريق إسحاق بن طلحة عن أنس قال رجل يا رسول الله إنا كنا في دار كثير فيها عددنا وأموالنا فتحولنا إلى أخرى فقل فيها ذلك فقال ذروها ذميمة وأخرج من حديث فروة بن مسيك بالمهملة مصغرا ما يدل على أنه هو السائل وله شاهد من حديث عبد الله بن شداد بن الهاد أحد كبار التابعين وله رواية بإسناد صحيح إليه عند عبد الرزاق قال بن العربي ورواه مالك عن يحيى بن سعيد منقطعا قال والدار المذكورة في حديثه كانت دار مكمل بضم الميم وسكون الكاف وكسر الميم بعدها لام وهو بن عوف أخو عبد الرحمن بن عوف قال وإنما أمرهم بالخروج منها لاعتقادهم أن ذلك منها وليس كما ظنوا لكن الخالق جل وعلا جعل ذلك وفقا لظهور قضائه وأمرهم بالخروج منها لئلا يقع لهم بعد ذلك شيء فيستمر اعتقادهم قال بن العربي وأفاد وصفها بكونها ذميمة جواز ذلك وأن ذكرها بقبيح ما وقع فيها سائغ من غير أن يعتقد أن ذلك كان منها ولا يمتنع ذم محل المكروه وأن كان ليس منه شرعا كما يذم العاصي على معصيته وأن كان ذلك بقضاء الله تعالى وقال الخطابي هو استثناء من غير الجنس ومعناه إبطال مذهب الجاهلية في التطير فكأنه قال أن كانت لأحدكم دار يكره سكناها أو امرأة يكره صحبتها أو فرس يكره سيره فليفارقه قال وقيل أن شؤم الدار ضيقها وسوء جوارها وشؤم المرأة أن لا تلد وشؤم الفرس أن لا يغزى عليه وقيل المعنى ما جاء بإسناد ضعيف رواه الدمياطي في الخيل إذا كان الفرس ضروبا فهو مشئوم وإذا حنت المرأة إلى بعلها الأول فهي مشئومة وإذا كانت الدار بعيدة من المسجد لا يسمع منها الأذان فهي مشئومة وقيل كان قوله ذلك في أول الأمر ثم نسخ ذلك بقوله تعالى ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم الا في كتاب الآية حكاه بن عبد البر والنسخ لا يثبت بالاحتمال لا سيما مع إمكان الجمع ولا سيما وقد ورد في نفس هذا الخبر نفي التطير ثم إثباته في الأشياء المذكورة وقيل يحمل الشؤم على قلة الموافقة وسوء الطباع وهو كحديث سعد بن أبي وقاص رفعه من سعادة