رواية أبي الأسود المذكورة فبعث إليهم فقدموا عليه وفي رواية موسى بن عقبة عن الزهري فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلّم إلى أبي بصير فقدم كتابه وأبو بصير يموت فمات وكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم في يده فدفنه أبو جندل مكانه وجعل عند قبره مسجدا قال وقدم أبو جندل ومن معه إلى المدينة فلم يزل بها إلى أن خرج إلى الشام مجاهدا فاستشهد في خلافة عمر قال فعلم الذين كانوا أشاروا بأن لا يسلم أبا جندل إلى أبيه أن طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلّم خير مما كرهوا وفي قصة أبي بصير من الفوائد جواز قتل المشرك المعتدي غيلة ولا يعد ما وقع من أبي بصير غدرا لأنه لم يكن في جملة من دخل في المعاقدة التي بين النبي صلى الله عليه وسلّم وبين قريش لأنه إذ ذاك كان محبوسا بمكة لكنه لما خشي أن المشرك يعيده إلى المشركين درأ عن نفسه بقتله ودافع عن دينه بذلك ولم ينكر النبي قوله ذلك وفيه أن من فعل مثل فعل أبي بصير لم يكن عليه قود ولا دية وقد وقع عند بن إسحاق أن سهيل بن عمرو لما بلغه قتل العامري طالب بديته لأنه من رهطه فقال له أبو سفيان ليس على محمد مطالبة بذلك لأنه وفي بما عليه وأسلمه لرسولكم ولم يقتله بأمره ولا على آل أبي بصير أيضا شيء لأنه ليس على دينهم وفيه أنه كان لا يرد على المشركين من جاء منهم الا بطلب منهم لأنهم لما طلبوا أبا بصير أول مرة أسلمه لهم ولما حضر إليه ثانيا لم يرسله لهم بل لو أرسلوا إليه وهو عنده لأرسله فلما خشي أبو بصير من ذلك نجا بنفسه وفيه أن شرط الرد أن يكون الذي حضر من دار الشرك باقيا في بلد الإمام ولا يتناول من لم يكن تحت يد الإمام ولا متحيزا إليه واستنبط منه بعض المتأخرين أن بعض ملوك المسلمين مثلا لو هادن بعض ملوك الشرك فغزاهم ملك آخر من المسلمين فقتلهم وغنم أموالهم جاز له ذلك لأن عهد الذي هادنهم لم يتناول من لم يهادنهم ولا يخفى أن محل ذلك ما إذا لم يكن هناك قرينة تعميم قوله فأنزل الله تعالى وهو الذي كف أيديهم عنكم كذا هنا وظاهره أنها نزلت في شأن أبي بصير وفيه نظر والمشهور في سبب نزولها ما أخرجه مسلم من حديث سلمة بن الأكوع ومن حديث أنس بن مالك أيضا وأخرجه أحمد والنسائي من حديث عبد الله بن مغفل بإسناد صحيح أنها نزلت بسبب القوم الذين أرادوا من قريش أن يأخذوا من المسلمين غرة فظفروا بهم فعفا عنهم النبي صلى الله عليه وسلّم فنزلت الآية وقيل في نزولها غير ذلك قوله معرة العر الجرب يعني أن المعرة مشتقة من العر بفتح المهملة وتشديد الراء قوله تزيلوا تميزوا حميت القوم منعتهم حماية الخ هذا القدر من تفسير سورة الفتح في المجاز لأبي عبيدة وهو في رواية المستملي وحده .
2582 - قوله قال عقيل عن الزهري تقدم موصولا بتمامه في أول الشروط وأراد المصنف بإيراده بيان ما وقع في رواية معمر من الادراج قوله وبلغنا هو مقول الزهري وصله بن مردويه في تفسيره من طريق عقيل وقوله وبلغنا أن أبا بصير الخ هو من قول الزهري أيضا والمراد به أن قصة أبي بصير في رواية عقيل من مرسل الزهري وفي رواية معمر موصولة إلى المسور لكن قد تابع معمرا على وصلها بن إسحاق كما تقدم وتابع عقيلا الأوزاعي على إرسالها فلعل الزهري كان يرسلها تارة ويوصلها أخرى والله أعلم ووقع في هذه الرواية الأخيرة من الزيادة وما نعلم أن أحدا من المهاجرات ارتدت بعد ايمانها وفيها قوله أن أبا بصير بن أسيد بفتح الهمزة قدم مؤمنا كذا للأكثر وفي رواية السرخسي والمستملي قدم من مني وهو تصحيف قوله ان عمر طلق امرأتين قريبة يأتي ضبطها وبيان الحكم في ذلك في كتاب النكاح في باب نكاح من أسلم من المشركات وقوله فلما أبي الكفار أن يقروا بأداء ما أنفق المسلمون على أزواجهم يشير إلى قوله تعالى واسألوا