قال بن إسحاق فحدثني عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد عن بن عباس قال حلق رجال يومئذ وقصر آخرون فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم يرحم الله المحلقين قالوا والمقصرين الحديث وفي آخره قالوا يا رسول الله لم ظاهرت للمحلقين دون المقصرين قال لأنهم لم يشكوا قال بن إسحاق قال الزهري في حديثه ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلّم قافلا حتى إذا كان بين مكة والمدينة ونزلت سورة الفتح فذكر الحديث في تفسيرها إلى أن قال قال الزهري فما فتح في الإسلام فتح قبله كان أعظم من فتح الحديبية إنما كان القتال حيث التقي الناس ولما كانت الهدنة ووضعت الحرب وأمن الناس كلم بعضهم بعضا والتقوا وتفاوضوا في الحديث والمنازعة ولم يكلم أحد بالإسلام يعقل شيئا في تلك المدة الا دخل فيه ولقد دخل في تينك السنتين مثل من كان في الإسلام قبل ذلك أو أكثر يعني من صناديد قريش ومما ظهر من مصلحة الصلح المذكور غير ما ذكره الزهري أنه كان مقدمة بين يدي الفتح الأعظم الذي دخل الناس عقبة في دين الله أفواجا وكانت الهدنة مفتاحا لذلك ولما كانت قصة الحديبية مقدمة للفتح سميت فتحا كما سيأتي في المغازي فإن الفتح في اللغة فتح المغلق والصلح كان مغلقا حتى فتحه الله وكان من أسباب فتحه صد المسلمين عن البيت وكان في الصورة الظاهرة ضيما للمسلمين وفي الصورة الباطنة عزا لهم فإن الناس لأجل الأمن الذي وقع بينهم اختلط بعضهم ببعض من غير نكير وأسمع المسلمون المشركين القرآن وناظروهم على الإسلام جهرة آمنين وكانوا قبل ذلك لا يتكلمون عندهم بذلك الا خفية وظهر من كان يخفي إسلامه فذل المشركون من حيث أرادوا العزة وأقهروا من حيث أرادوا الغلبة قوله ثم جاءه نسوة مؤمنات الخ ظاهره أنهن جئن إليه وهو بالحديبية وليس كذلك وإنما جئن إليه بعد في أثناء المدة وقد تقدم في أول الشروط من رواية عقيل عن الزهري ما يشهد لذلك حيث قال ولم يأته أحد من الرجال الا رده في تلك المدة ولو كان مسلما وجاء المؤمنات مهاجرات وكانت أم كلثوم بنت عقبة ممن خرج ويقال إنها كانت تحت عمرو بن العاص وسمي من المؤمنات المذكورات أميمة بنت بشر وكانت تحت حسان ويقال بن دحداحة قبل أن يسلم فتزوجها سهل بن حنيف فولدت له ابنه عبد الله بن سهل ذكر ذلك بن أبي حاتم من طريق يزيد بن أبي حبيب مرسلا والطبري من طريق بن إسحاق عن الزهري وسبيعة بنت الحارث الأسلمية وكانت تحت مسافر المخزومي ويقال صيفي بن الراهب والأول أولى فقد ذكر بن أبي حاتم من طريق مقاتل بن حيان أن امرأة صيفي اسمها سعيدة فتزوجها عمر وأم الحكم بنت أبي سفيان كانت تحت عياض بن شداد فارتدت كما سيأتي بيانه في آخر الشروط وبروع بنت عقبة كانت تحت شماس بن عثمان وعبدة بنت عبد العزى بن نضلة كانت تحت عمرو بن عبد ود قلت لكن عمرو قتل بالخندق وكأنها فرت بعد قتله وكان من سنة الجاهلية أن من مات زوجها كان أهله أحق بها وكان ممن خرج من النساء في تلك المدة بنت حمزة بن عبد المطلب كما سيأتي بيانه في عمرة القضية ويأتي تفصيل ذلك في المغازي وشرح قصة الامتحان في أواخر كتاب النكاح في باب نكاح من أسلم من المشركات مع بقية فوائده أن شاء الله تعالى قوله ثم رجع النبي صلى الله عليه وسلّم إلى المدينة فجاءه أبو بصير بفتح الموحدة وكسر المهملة رجل من قريش هو عتبة بضم المهملة وسكون المثناة وقيل فيه عبيد بموحدة مصغر وهو وهم بن أسيد بفتح الهمزة على