ولا يتوقف على تكذيب نفسه لجواز أن يكون صادقا في نفس الأمر وإلى هذا مال المصنف قوله ونفى النبي صلى الله عليه وسلّم الزاني سنة ونهى عن كلام كعب بن مالك وصاحبيه حتى مضى خمسون ليلة أما نفي الزاني فموصول آخر الباب وأما قصة كعب فستأتي بطولها في آخر تفسير براءة وفي غزوة تبوك ووجه الدلالة منه أنه لم ينقل أنه صلى الله عليه وسلّم كلفهما بعد التوبة بقدر زائد على النفي والهجران ثم أورد المصنف حديث عائشة في قصة المرأة التي سرقت مختصرة والمراد منه قول عائشة فحسنت توبتها الحديث وكأنه أراد الحاق القاذف بالسارق لعدم الفارق عنده وإسماعيل شيخه فيه هو بن أبي أويس وقوله وقال الليث حدثني يونس وصله أبو داود من طريقه لكن بغير هذا اللفظ وظهر أن هذا اللفظ لابن وهب وأشار المصنف إلى أن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال فيشترط مضي مدة يظن فيها صحة توبته وقدرها الأكثرون بسنة ووجهوه بأن للفصول الأربعة في النفس تأثيرا فإذا مضت أشعر ذلك بحسن السريرة ولهذا اعتبرت في مدة تغريب الزاني والمختار أن هذا في الغالب وإلا ففي قول عمر لأبي بكرة تب أقبل شهادتك دلالة للجمهور قال بن المنير اشتراط توبة القاذف إذا كان عند نفسه محقا في غاية الاشكال بخلاف ما إذا كان كاذبا في قذفه فاشتراطها واضح ويمكن أن يقال إذا المعاين للفاحشة مأمور بأن لا يكشف صاحبها الا إذا تحقق كمال النصاب معه فإذا كشفه قبل ذلك عصى فيتوب من المعصية في الاعلان لا من الصدق في علمه قلت ويعكر عليه أن أبا بكرة لم يكشف حتى تحقق كمال النصاب معه كما تقدم ومع ذلك فأمره عمر بالتوبة لتقبل شهادته ويجاب عن ذلك بأن عمر لعله لم يطلع على ذلك فأمره بالتوبة ولذلك لم يقبل منه أبو بكرة ما أمره به لعلمه بصدقه عند نفسه والله أعلم ثم أورد المصنف حديث زيد بن خالد في تغريب الزاني واستشكل الداودي إيراده في هذا الباب ووجهه أنه أراد منه الإشارة إلى أن هذه المدة أقصى ما ورد في استبراء العاصي والله أعلم تنبيه جمع البخاري في الترجمة بين السارق والقاذف للإشارة إلى أنه لا فرق في قبول التوبة منهما وإلا فقد نقل الطحاوي الإجماع على قبول شهادة السارق إذا تاب نعم ذهب الأوزاعي إلى أن المحدود في الخمر لا تقبل شهادته وأن تاب ووافقه الحسن بن صالح وخالفهما في ذلك جميع فقهاء الأمصار