ذلك من الأمور اللازمة كذا قرره بن بطال عن المهلب وتعقبه بن المنير بأن النبي صلى الله عليه وسلّم لم يفعل ذلك وإنما فعله الذين أهدوا له وهم باختيارهم في ذلك وإنما لم يمنعهم النبي صلى الله عليه وسلّم لأنه ليس من كمال الأخلاق أن يتعرض الرجل إلى الناس بمثل ذلك لما فيه من التعرض لطلب الهدية وأيضا فالذي يهدى لأجل عائشة كأنه ملك الهدية بشرط والتمليك يتبع فيه تحجير المالك مع أن الذي يظهر أنه صلى الله عليه وسلّم كان يشركهن في ذلك وإنما وقعت المنافسة لكون العطية تصل إليهن من بيت عائشة وفيه قصد الناس بالهدايا أوقات المسرة ومواضعها ليزيد ذلك في سرور المهدي إليه وفيه تنافس الضرائر وتغايرهن على الرجل وأن الرجل يسعه السكوت إذا تقاولن ولا يميل مع بعض على بعض وفيه جواز التشكي والتوسل في ذلك وما كان عليه أزواج النبي صلى الله عليه وسلّم من مهابته والحياء منه حتى راسلنه بأعز الناس عنده فاطمة وفيه سرعة فهمهن ورجوعهن إلى الحق والوقوف عنده وفيه ادلال زينب بنت جحش على النبي صلى الله عليه وسلّم لكونها كانت بنت عمته كانت أمها أميمة بالتصغير بنت عبد المطلب قال الداودي وفيه عذر النبي صلى الله عليه وسلّم لزينب قال بن التين ولا أدري من أين أخذه قلت كأنه أخذه من مخاطبتها النبي صلى الله عليه وسلّم لطلب العدل مع علمها بأنه أعدل الناس لكن غلبت عليها الغيرة فلم يؤاخذها النبي صلى الله عليه وسلّم بإطلاق ذلك وإنما خص زينب بالذكر لأن فاطمة عليها السلام كانت حاملة رسالة خاصة بخلاف زينب فإنها شريكتهن في ذلك بل رأسهن لأنها هي التي تولت إرسال فاطمة أولا ثم سارت بنفسها واستدل به على أن القسم كان واجبا عليه وسيأتي البحث في ذلك في النكاح إن شاء الله تعالى قوله وقال أبو مروان الغساني كذا للأكثر بغين معجمة وسين مهملة ثقيلة ووقع في رواية القابسي عن أبي زيد فيه تغيير فغيره العثماني حكاه أبو علي الجياني وقال إنه خطأ وقد تقدمت لأبي مروان هذا رواية موصولة في كتاب الحج ووقع للقابسي فيه تصحيف غير هذا وقوله وقال أبو مروان الخ يعني أن أبا مروان فصل بين الحديثين في روايته عن هشام فجعل الأول وهو التحري كما قال حماد بن زيد عن هشام وجعل الثاني وهو قصة فاطمة عن هشام عن رجل من قريش ورجل من الموالي عن محمد بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن عائشة قلت وطريق محمد بن عبد الرحمن عن عائشة بهذه القصة مشهورة من غير هذا الوجه أخرجها مسلم والنسائي من طريق صالح بن كيسان زاد مسلم ويونس وزاد النسائي وشعيب بن أبي حمزة ثلاثتهم عن الزهري عنه وهكذا قال موسى بن أعين عن معمر عن الزهري وخالفه عبد الرزاق فقال عن معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة وخالفهم إسحاق الكلبي فجعل أبا بكر بن عبد الرحمن بدل محمد بن الرحمن قال الذهلي والدارقطني وغيرهما المحفوظ من حديث الزهري عن محمد بن عبد الرحمن عن عائشة وأبو مروان هذا هو يحيى بن أبي زكريا الغساني وهو شامي نزل واسط واسم أبي زكريا يحيى أيضا ووهم من زعم أنه محمد بن عثمان العثماني فإنه وأن كان يكنى أبا مروان لكنه لم يدرك هشام بن عروة وإنما يروي عنه بواسطة وطريقه هذه وصلها الذهلي في الزهريات وقد اختلف على هشام فيه اختلافا آخر فرواه حماد بن سلمة عنه عن عوف بن الحارث عن أخته رميثة عن أم سلمة أن نساء النبي صلى الله عليه وسلّم قلن لها إن الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة الحديث أخرجه أحمد ويحتمل أن يكون لهشام فيه طريقان فإن عبدة بن سليمان رواه عنه بالوجهين أخرجه الشيخان من طريقه بالإسناد الأول كما مضى في الباب الذي قبله وأخرجه النسائي من طريقه متابعا لحماد بن سلمة والله أعلم