العموم حيث قيل في آخره فدين الله أحق أن يقضى وأما رمضان فيطعم عنه فأما المالكية فأجابوا عن حديث الباب بدعوى عمل أهل المدينة كعادتهم وادعى القرطبي تبعا لعياض أن الحديث مضطرب وهذا لا يتأتى إلا في حديث بن عباس ثاني حديثي الباب وليس الاضطراب فيه مسلما كما سيأتي وأما حديث عائشة فلا اضطراب فيه واحتج القرطبي بزيادة بن لهيعة المذكورة لأنها تدل على عدم الوجوب وتعقب بأن معظم المجيزين لم يوجبوه كما تقدم وإنما قالوا يتخير الولي بين الصيام والاطعام وأجاب الماوردي عن الجديد بأن المراد بقوله صام عنه وليه أي فعل عنه وليه ما يقوم مقام الصوم وهو الإطعام قال وهو نظير قوله التراب وضوء المسلم إذا لم يجد الماء قال فسمى البدل باسم المبدل فكذلك هنا وتعقب بأنه صرف للفظ عن ظاهره بغير دليل وأما الحنفية فاعتلوا لعدم القول بهذين الحديثين بما روى عن عائشة أنها سئلت عن امرأة ماتت وعليها صوم قالت يطعم عنها وعن عائشة قالت لا تصوموا عن موتاكم وأطعموا عنهم أخرجه البيهقي وبما روي عن بن عباس قال في رجل مات وعليه رمضان قال يطعم عنه ثلاثون مسكينا أخرجه عبد الرزاق وروى النسائي عن بن عباس قال لا يصوم أحد عن أحد قالوا فلما أفتى بن عباس وعائشة بخلاف ما روياه دل ذلك على أن العمل على خلاف ما روياه وهذه قاعدة لهم معروفة الا أن الآثار المذكورة عن عائشة وعن بن عباس فيها مقال وليس فيها ما يمنع الصيام الا الأثر الذي عن عائشة وهو ضعيف جدا والراجح أن المعتبر ما رواه لا ماراه لاحتمال أن يخالف ذلك لاجتهاد ومستنده فيه لم يتحقق ولا يلزم من ذلك ضعف الحديث عنده وإذا تحققت صحة الحديث لم يترك المحقق للمظنون والمسالة مشهورة في الأصول واختلف المجيزون في المراد بقوله وليه فقيل كل قريب وقيل الوارث خاصة وقيل عصبته والأول أرجح والثاني قريب ويرد الثالث قصة المرأة التي سألت عن نذر أمها واختلفوا أيضا هل يختص ذلك بالولى لأن الأصل عدم النيابة في العبادة البدنية ولانها عبادة لا تدخلها النيابة في الحياة فكذلك في الموت الا ما ورد فيه الدليل فيقتصر على ما ورد فيه ويبقى الباقي على الأصل وهذا هو الراجح وقيل يختص بالولى فلو أمر أجنبيا بأن يصوم عنه اجزا كما في الحج وقيل يصح استقلال الأجنبى بذلك وذكر الولي لكونه الغالب وظاهر صنيع البخاري اختيار هذا الأخير وبه جزم أبو الطيب الطبري وقواه بتشبيهه صلى الله عليه وسلّم ذلك بالدين والدين لا يختص بالقريب قوله تابعه بن وهب عن عمرو يعني بن الحارث المذكور بسنده وهذه المتابعة وصلها مسلم وأبو داود وغيرهما بلفظه قوله ورواه يحيى بن أيوب يعني المصري عن عبيد الله بن أبي جعفر بسنده المذكور وروايته هذه عند أبي عوانة والدارقطني من طريق عمرو بن الربيع وبن خزيمة من طريق سعيد بن أبي مريم كلاهما عن يحيى بن أيوب وألفاظهم متوافقة ورواه البزار من طريق بن لهيعة عن عبيد الله بن أبي جعفر فزاد في آخر المتن أن شاء .
1852 - قوله حدثنا محمد بن عبد الرحيم هو الحافظ المعروف بصاعقه ومعاوية بن عمرو هو الأزدي ويعرف بابن الكرماني من قدماء شيوخ البخاري حدث عنه بغير واسطة في أواخر كتاب الجمعة وحدث عنه هنا وفي الجهاد وفي الصلاة بواسطة وكان طلب معاوية المذكور للحديث وهو كبير وإلا فلو كان طلبه وهو على قدر سنه لكان من أعلى شيوخ البخاري وزائدة شيخه هو بن قدامة الثقفي مشهور قد لقي البخاري جماعة من أصحابه قوله عن مسلم البطين بفتح الموحدة وكسر المهملة ثم تحتانية ساكنة ثم نون وسيأتى أن الحديث جاء من رواية شعبة عن الأعمش عن مسلم المذكور وشعبة لا يحدث عن شيوخه الذين ربما دلسوا الا بما تحقق أنهم سمعوه قوله