رواية منصور في الباب الذي يلي هذا فأتى بعرق فيه تمر وهو الزبيل وفي رواية بن أبي حفصة فأتى بزبيل وهو المكتل والزبيل بفتح الزاي وتخفيف الموحدة بعدها تحتانية ساكنة ثم لام بوزن رغيف هو المكتل قال بن دريد يسمى زبيلا لحمل الزبل فيه وفيه لغة أخرى زنبيل بكسر الزاي أوله وزيادة نون ساكنة وقد تدغم النون فتشدد الباء مع بقاء وزنه وجمعه على اللغات الثلاث زنابيل ووقع في بعض طرق عائشة عند مسلم فجاءه عرقان والمشهور في غيرها عرق ورجحه البيهقي وجمع غيره بينهما بتعدد الواقعة وهو جمع لا نرضاه لاتحاد مخرج الحديث والأصل عدم التعدد والذي يظهر أن التمر كان قدر عرق لكنه كان في عرقين في حال التحميل على الدابة ليكون أسهل في الحمل فيحتمل أن الاتى به لما وصل افرغ أحدهما في الآخر فمن قال عرقان أراد ابتداء الحال ومن قال عرق أراد ما آل إليه والله أعلم قوله أين السائل زاد بن مسافر أنفا أطلق عليه ذلك لأن كلامه متضمن للسؤال فإن مراده هلكت فما ينجينى وما يخلصني مثلا وفي حديث عائشة أين المحترق أنفا وقد تقدم توجيهه ولم يعين في هذه الرواية مقدار ما في المكتل من التمر بل ولا في شيء من طرق الصحيحين في حديث أبي هريرة ووقع في رواية بن أبي حفصة فيه خمسة عشر صاعا وفي رواية مؤمل عن سفيان فيه خمسة عشر أو نحو ذلك وفي رواية مهران بن أبي عمر عن الثوري عن بن خزيمة فيه خمسة عشر أو عشرون وكذا هو عند مالك وعبد الرزاق في مرسل سعيد بن المسيب وفي مرسله عند الدارقطني الجزم بعشرين صاعا ووقع في حديث عائشة عند بن خزيمة فأتى بعرق فيه عشرون صاعا قال البيهقي قوله عشرون صاعا بلاغ بلغ محمد بن جعفر يعني بعض رواته وقد بين ذلك محمد بن إسحاق عنه فذكر الحديث وقال في آخره قال محمد بن جعفر فحدثت بعد أنه كان عشرين صاعا من تمر قلت ووقع في مرسل عطاء بن أبي رباح وغيره عند مسدد فأمر له ببعضه وهذا يجمع الروايات فمن قال أنه كان عشرين أراد أصل ما كان فيه ومن قال خمسة عشر أراد قدر ما تقع به الكفارة ويبين ذلك حديث على عند الدارقطني تطعم ستين مسكينا لكل مسكين مد وفيه فأتى بخمسة عشر صاعا فقال أطعمه ستين مسكينا وكذا في رواية حجاج الزهري عند الدارقطني في حديث أبي هريرة وفيه رد على الكوفيين في قولهم أن واجبه من القمح ثلاثون صاعا ومن غيره ستون صاعا ولقول عطاء أن أفطر بالأكل أطعم عشرين صاعا وعلى أشهب في قوله لو غداهم أو عشاهم كفى تصدق الإطعام ولقول الحسن يطعم أربعين مسكينا عشرين صاعا أو بالجماع أطعم خمسة عشر وفيه رد على الجوهري حيث قال في الصحاح المكتل يشبه الزبيل يسع خمسة عشر صاعا لأنه لا حصر في ذلك وروى عن مالك أنه قال يسع خمسة عشر أو عشرين ولعله قال ذلك في هذه القصة الخاصة فيوافق رواية مهران وإلا فالظاهر أنه لا حصر في ذلك والله أعلم وأما ما وقع في رواية عطاء ومجاهد عن أبي هريرة عند الطبراني في الأوسط أنه أتى بمكتل فيه عشرون صاعا فقال تصدق بهذا وقال قبل ذلك تصدق بعشرين صاعا أو بتسع عشرة أو بإحدى وعشرين فلا حجة فيه لما فيه من الشك ولأنه من رواية ليث بن أبي سليم وهو ضعيف وقد اضطرب فيه وفي الإسناد إليه مع ذلك من لا يحتج به ووقع في بعض طرق حديث عائشة عند مسلم فجاءه عرقان فيهما طعام ووجهه أن كان محفوظا ما تقدم قريبا والله أعلم قوله خذ هذا فتصدق به كذا للأكثر ومنهم من ذكره بمعناه وزاد بن إسحاق فتصدق به عن نفسك ويؤيده رواية منصور في الباب الذي يليه بلفظ أطعم هذا عنك ونحوه في مرسل سعيد بن المسيب من رواية داود بن أبي هند عنه عند الدارقطني