كل عمل بن آدم هو له الا الصيام فهو لي وأنا أجزى به وإنما يذر بن آدم شهوته وطعامه من أجلي الحديث وسيأتي قريبا من طريق عطاء عن أبي صالح بلفظ قال الله D كل عمل بن آدم له الحديث ويأتي في التوحيد من طريق الأعمش عن أبي صالح بلفظ يقول الله D الصوم لي وأنا أجزى به الحديث وقد يفهم من الإتيان بصيغة الحصر في قوله إنما يذر الخ التنبيه على الجهة التي بها يستحق الصائم ذلك وهو الإخلاص الخاص به حتى لو كان ترك المذكورات لغرض آخر كالتخمة لا يحصل للصائم الفضل المذكور لكن المدار في هذه الأشياء على الداعي القوي الذي يدور معه الفعل وجودا وعدما ولا شك أن من لم يعرض في خاطره شهوة شيء من الأشياء طول نهاره إلى أن أفطر ليس هو في الفضل كمن عرض له ذلك فجاهد نفسه في تركه والمراد بالشهوة في الحديث شهوة الجماع لعطفها على الطعام والشراب ويحتمل أن يكون من العام بعد الخاص ووقع في رواية الموطأ بتقديم الشهوة عليها فيكون من الخاص بعد العام ومثله حديث أبي صالح في التوحيد وكذا جمهور الرواة عن أبي هريرة وفي رواية بن خزيمة من طريق سهيل عن أبي صالح عن أبيه يدع الطعام والشراب من أجلي ويدع لذته من أجلي وفي رواية أبي قرة من هذا الوجه يدع امرأته وشهوته وطعامه وشرابه من أجلي وأصرح من ذلك ما وقع عند الحافظ سمويه في فوائده من طريق المسيب بن رافع عن أبي صالح يترك شهوته من الطعام والشراب والجماع من أجلي قوله الصيام لي وأنا أجزى به كذا وقع بغير أداة عطف ولا غيرها وفي الموطأ فالصيام بزيادة الفاء وهي للسببية أي سبب كونه لي أنه يترك شهوته لأجلى ووقع في رواية مغيرة عن أبي الزناد عند سعيد بن منصور كل عمل بن آدم له الا الصيام فإنه لي وأنا أجزى به ومثله في رواية عطاء عن أبي صالح الآتية وقد اختلف العلماء في المراد بقوله تعالى الصيام لي وأنا أجزى به مع أن الأعمال كلها له وهو الذي يجزئ بها على أقوال أحدها أن الصوم لا يقع فيه الرياء كما يقع في غيره حكاه المازري ونقله عياض عن أبي عبيد ولفظ أبي عبيد في غريبه قد علمنا أن أعمال البر كلها لله وهو الذي يجزئ بها فنرى والله أعلم أنه إنما خص الصيام لأنه ليس يظهر من بن آدم بفعله وإنما هو شيء في القلب ويؤيدها هذا التأويل قوله صلى الله عليه وسلّم ليس في الصيام رياء حدثنيه شبابة عن عقيل عن الزهري فذكره يعني مرسلا قال وذلك لأن الأعمال لا تكون الا بالحركات الا الصوم فإنما هو بالنية التي تخفى عن الناس هذا وجه الحديث عندي انتهى وقد روى الحديث المذكور البيهقي في الشعب من طريق عقيل وأورده من وجه آخر عن الزهري موصولا عن أبي سلمة عن أبي هريرة وإسناده ضعيف ولفظه الصيام لا رياء فيه قال الله D هو لي وأنا أجزى به وهذا لو صح لكان قاطعا للنزاع وقال القرطبي لما كانت الأعمال يدخلها الرياء والصوم لا يطلع عليه بمجرد فعله الا الله فاضافه الله إلى نفسه ولهذا قال في الحديث يدع شهوته من أجلي وقال بن الجوزي جميع العبادات تظهر بفعلها وقل أن يسلم ما يظهر من شوب بخلاف الصوم وارتضى هذا الجواب المازري وقرره القرطبي بان أعمال بني آدم لما كانت يمكن دخول الرياء فيها اضيفت إليهم بخلاف الصوم فإن حال الممسك شبعا مثل حال الممسك تقربا يعني في الصورة الظاهرة قلت معنى النفي في قوله لا رياء في الصوم أنه لا يدخله الرياء بفعله وأن كان قد يدخله الرياء بالقول كمن يصوم ثم يخبر بأنه صائم فقد يدخله الرياء من هذه الحيثية فدخول الرياء في الصوم إنما يقع من جهة الأخبار بخلاف بقية الأعمال فإن الرياء قد يدخلها بمجرد فعلها وقد حاول بعض الأئمة الحاق شيء من العبادات البدنية بالصوم فقال أن الذكر بلا إله الا