وتعقب برد الاتفاق فإن مخالفيهم اجازوا قتل كل ما عدا وافترس فيدخل فيه الصقر وغيره بل معظمهم قال يلتحق بالخمس كل ما نهى عن أكله الا ما نهى عن قتله واختلف العلماء في غير العقور مما لم يؤمر باقتنائه فصرح بتحريم قتله القاضيان حسين والماوردى وغيرهما ووقع في الأم للشافعي الجواز واختلف كلام النووي فقال في البيع من شرح المهذب لا خلاف بين أصحابنا في أنه محترم لا يجوز قتله وقال في التيمم والغصب أنه غير محترم وقال في الحج يكره قتله كراهة تنزيه وهذا اختلاف شديد وعلى كراهة قتله اقتصر الرافعي وتبعه في الروضة وزاد أنها كراهة تنزيه والله أعلم وذهب الجمهور كما تقدم إلى الحاق غير الخمس بها في هذا الحكم الا أنهم اختلفوا في المعنى فقيل لكونها مؤذية فيجوز قتل كل مؤذ وهذا قضية مذهب مالك وقيل لكونها مما لا يؤكل فعلى هذا كل ما يجوز قتله لا فدية على المحرم فيه وهذا قضية مذهب الشافعي وقد قسم هو وأصحابه الحيوان بالنسبة للمحرم إلى ثلاثة أقسام قسم يستحب كالخمس وما في معناها مما يوذى وقسم يجوز كسائر ما لا يؤكل لحمه وهو قسمان ما يحصل منه نفع وضرر فيباح لما فيه من منفعة الاصطياد ولا يكره لما فيه من العدوان وقسم ليس فيه نفع ولا ضرر فيكره قتله ولا يحرم والقسم الثالث ما ابيح أكله أو نهى عن قتله فلا يجوز ففيه الجزاء إذا قتله المحرم وخالف الحنفية فاقتصروا على الخمس الا أنهم الحقوا بها الحية لثبوت الخبر والذئب لمشاركته للكلب في الكلبية والحقوا بذلك من ابتدا بالعدوان والأذى من غيرها وتعقب بظهور المعنى في الخمس وهو الأذى الطبيعى والعدوان المركب والمعنى إذا ظهر في المنصوص عليه تعدى الحكم إلى كل ما وجد فيه ذلك المعنى كما وافقوا عليه في مسائل الربا قال بن دقيق العيد والتعدية بمعنى الأذى إلى كل مؤذ قوي بالإضافة إلى تصرف أهل القياس فإنه ظاهر من جهة الإيماء بالتعليل بالفسق وهو الخروج عن الحد وأما التعليل بحرمة الأكل ففيه إبطال لما دل عليه إيماء النص من التعليل بالفسق انتهى وقال غيره هو راجع إلى تفسير الفسق فمن فسره بأنه الخروج عن بقية الحيوان بالأذى علل به ومن قال بجواز القتل وتحريم الأكل علل به وقال من علل بالأذى أنواع الأذى مختلفة وكأنه نبه بالعقرب على ما يشاركها في الأذى باللسع ونحوه من ذوات السموم كالحية والزنبور وبالفأرة على ما يشاركها في الأذى بالنقب والقرض كابن عرس وبالغراب والحدأ على ما يشاركهما بالاختطاف كالصقر وبالكلب العقور على ما يشاركه في الأذى بالعدوان والعقر كالاسد والفهد وقال من علل بتحريم الأكل وجواز القتل إنما اقتصر على الخمس لكثرة ملابستها للناس بحيث يعم اذاها والتخصيص بالغلبة لامفهوم له تكملة نقل الرافعي عن الإمام أن هذه الفواسق لا ملك فيها لأحد ولا اختصاص ولا يجب ردها على صاحبها ولم يذكر مثل ذلك في غير الخمس مما يلتحق بها في المعنى فليتأمل واستدل به على جواز قتل من لجا إلى الحرم ممن وجب عليه القتل لأن إباحة قتل هذه الأشياء معلل بالفسق والقاتل فاسق فيقتل بل هو أولى لأن فسق المذكورات طبيعي والمكلفة إذا ارتكب الفسق هاتك لحرمة نفسه فهو أولى بإقامة مقتضى الفسق عليه وأشار بن دقيق العيد إلى أنه بحث قابل للنزاع وسيأتي بسط القول فيه في الباب الذي يليه إن شاء الله تعالى الحديث الثالث حديث بن مسعود .
1733 - قوله حدثني إبراهيم هو بن يزيد النخعي والأسود هو النخعي خاله وعبد الله هو بن مسعود وقد اختلف على الأعمش في إسناد هذا الحديث كما سيأتي بيانه في بدء الخلق قوله في غار بمنى وقع عند الإسماعيلي من طريق بن نمير عن حفص بن غياث أن ذلك كان ليلة عرفة وبذلك يتم