أو العكس والجمع بينهما واضح كما سيأتي قوله فارتحل الناس ومن طاف بالبيت هو من عطف الخاص على العام لأن الناس أعم من الطائفين ولعلها أرادت بالناس من لم يطف طواف الوداع ويحتمل أن يكون الموصول صفة الناس من باب توسط العاطف بين الصفة والموصوف كقوله تعالى إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض وقد أجاز سيبويه نحو مررت بزيد وصاحبك إذا أراد بالصاحب زيدا المذكور وهذا كله بناء على صحة هذا السياق والذي يغلب عندي أنه وقع فيه تحريف والصواب فارتحل الناس ثم طاف بالبيت الخ وكذا وقع عند أبي داود من طريق أبي بكر الحنفي عن أفلح بلفظ فأذن في أصحابه بالرحيل فارتحل فمر بالبيت قبل صلاة الصبح فطاف به حين خرج ثم انصرف متوجها إلى المدينة وفي رواية مسلم فأذن في أصحابه بالرحيل فخرج فمر بالبيت فطاف به قبل صلاة الصبح ثم خرج إلى المدينة وقد أخرجه البخاري من هذا الوجه بلفظ فارتحل الناس فمر متوجها إلى المدينة أخرجه في باب الحج أشهر معلومات قال عياض قوله في رواية القاسم يعني هذه فجئنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم وهو في منزله فقال فهل فرغت قلت نعم فأذن بالرحيل وفي رواية الأسود عن عائشة يعني التي مضت في باب إذا حاضت بعد ما أفاضت فلقيني رسول الله صلى الله عليه وسلّم وهو مصعد من مكة وأنا منهبطه أو أنا مصعدة وهو منهبط منها وفي رواية صفية عنها يعني عند مسلم فأقبلنا حتى أتيناه وهو بالحصبة وهذا موافق لرواية القاسم وهما موافقان لحديث أنس يعني الذي مضى في باب طواف الوداع أنه صلى الله عليه وسلّم رقد رقدة بالمحصب ثم ركب إلى البيت فطاف به قال وفي حديث الباب من الإشكال قوله فمر بالبيت فطاف به بعد أن قال لعائشة أفرغت قالت نعم مع قولها في الرواية الأخرى أنه توجه لطواف الوداع وهي راجعة إلى المنزل الذي كان به قال فيحتمل أنه أعاد طواف الوداع لأن منزله كان بالأبطح وهو بأعلى مكة وخروجه من مكة إنما كان من أسفلها فكأنه لما توجه طالبا للمدينة اجتاز بالمسجد ليخرج من أسفل مكة فكرر الطواف ليكون آخر عهده بالبيت انتهى والقاضي في هذا معذور لأنه لم يشاهد تلك الأماكن فظن أن الذي يقصد الخروج إلى المدينة من أسفل مكة يتحتم عليه المرور بالمسجد وليس كذلك كما شاهده من عاينه بل الراحل من منزله بالأبطح يمر مجتازا من ظاهر مكة إلى حيث مقصده من جهة المدينة ولا يحتاج إلى المرور بالمسجد ولا يدخل إلى البلد أصلا قال عياض وقد وقع في رواية الأصيلي في البخاري فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلّم ومن طاف بالبيت قال فلم يذكر أنه أعاد الطواف فيحتمل أن طوافه هو طواف الوداع وأن لقاءه لعائشة كان حين انتقل من المحصب كما عند عبد الرزاق أنه كره أن يقتدي الناس بإناخته بالبطحاء فرحل حتى أناخ على ظهر العقبة أو من ورائها ينتظرها قال فيحتمل أن يكون لقاؤه لها كان في هذا الرحيل وأنه المكان الذي عنته في رواية الأسود بقوله لها موعدك بمكان كذا وكذا ثم طاف بعد ذلك طواف الوداع انتهى وهذا التأويل حسن وهو يقتضي أن الرواية التي عزاها للأصيلي مسكوت عن ذكر طواف الوداع فيها وقد بينا أن الصواب فيها فمر بالبيت فطاف به بدل قوله ومن طاف بالبيت ثم في عز وعياض ذلك إلى الأصيلي وحده نظر فإن كل الروايات التي وقفنا عليها في ذلك سواء حتى رواية إبراهيم بن معقل النسفي عن البخاري والله أعلم قوله موجها بضم الميم وفتح الواو وتشديد الجيم وفي رواية بن عساكر متوجها بزيادة تاء وبكسر الجيم وقد تقدمت مباحث هذا الحديث قريبا