ما ادعى أنه الأفضل متفقا عليه بين العلماء فكيف ينسب فعل ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلّم وفعل النبي صلى الله عليه وسلّم هو الذي يحتج به إذا نسب لأحد فعله على ما يختار بعض المجتهدين رجحانه قوله في رواية أبي الوليد اعتمر النبي صلى الله عليه وسلّم حيث ردوه ومن القابل عمرة الحديبية قال بن التين هذا أراه وهما لأن التي ردوه فيها هي عمرة الحديبية وأما التي من قابل فلم يردوه منها قلت لا وهم في ذلك لأن كلا منهما كان من الحديبية ويحتمل أن يكون قوله عمرة الحديبية يتعلق بقوله حيث ردوه قوله حدثنا هدبة حدثنا همام وقال اعتمر أي بالإسناد المذكور وهو عن قتادة أن أنس بن مالك أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم اعتمر أربع عمر كلهن في ذي القعدة إلا التي مع حجته الحديث كذا ساقه مسلم عن هداب بن خالد وهو هدبة المذكور وقوله إلا التي مع حجته استشكل بن التين هذا الاستثناء فقال هو كلام زائد والصواب أربع عمر في ذي القعدة عمرة من الحديبية الحديث قال وقد عد التي مع حجته في الحديث فكيف يستثنيها أولا وأجاب عياض بأن الرواية صواب وكأنه قال في ذي القعدة منها ثلاث والرابعة عمرته في حجته أو المعنى كلها في ذي القعدة إلا التي اعتمر في حجته لأن التي في حجته كانت في ذي الحجة .
1689 - قوله شريح بن مسلمة بمعجمة أوله ومهملة آخره وإبراهيم بن يوسف أي بن إسحاق بن أبي إسحاق السبيعي ورجال هذا الحديث كلهم كوفيون إلا عطاء ومجاهدا وقد سبق الكلام عليه وتقدم الكلام على الخلاف فيما كان صلى الله عليه وسلّم به محرما في حجته والجمع بين ما اختلف فيه من ذلك فأغنى عن إعادته والمشهور عن عائشة أنه كان مفردا وحديثه هذا يشعر بأنه كان قارنا وكذا بن عمر أنكر على أنس كونه كان قارنا مع أن حديثه هذا يدل على أنه كان قارنا لأنه لم ينقل أنه اعتمر بعد حجته فلم يبق إلا أنه اعتمر مع حجته ولم يكن متمتعا لأنه اعتذر عن ذلك بكونه ساق الهدي واحتاج بن بطال إلى تأويل ما وقع عن عائشة وبن عمر هنا فقال إنما تجوز نسبة العمرة الرابعة إليه باعتبار أنه أمر الناس بها وعملت بحضرته لا أنه صلى الله عليه وسلّم اعتمرها بنفسه ومن تأمل ما تقدم من الجمع استغنى عن هذا التأويل المتعسف وقال بن التين في عدهم عمرة الحديبية التي صد عنها ما يدل على أنها عمرة تامة وفيه إشارة إلى صحة قول الجمهور إنه لا يجب القضاء على من صد عن البيت خلافا للحنفية ولو كانت عمرة القضية بدلا عن عمرة الحديبية لكانتا واحدة وإنما سميت عمرة القضية والقضاء لأن النبي صلى الله عليه وسلّم قاضى قريشا فيها لا أنها وقعت قضاء عن العمرة التي صد عنها إذ لو كان كذلك لكانتا عمرة واحدة وفيه دلالة على جواز الاعتمار في أشهر الحج بخلاف ما كان عليه المشركون وفي هذا الحديث أن الصحابي الجليل المكثر الشديد الملازمة للنبي صلى الله عليه وسلّم قد يخفى عليه بعض أحواله وقد يدخله الوهم والنسيان لكونه غير معصوم وفيه رد بعض العلماء على بعض وحسن الأدب في الرد وحسن التلطف في استكشاف الصواب إذا ظن السامع خطأ المحدث وقال النووي سكوت بن عمر على إنكار عائشة يدل على أنه كان اشتبه عليه أو نسي أو شك وقال القرطبي عدم إنكاره على عائشة يدل على أنه كان على وهم وأنه رجع لقولها وقد تعسف من قال أن بن عمر أراد بقوله اعتمر في رجب عمرة قبل هجرته لأنه وإن كان محتملا لكن قول عائشة ما اعتمر في رجب يلزم منه عدم مطابقة ردها عليه لكلامه ولا سيما وقد بينت الأربع وأنها لو كانت قبل الهجرة فما الذي كان يمنعه أن يفصح بمراده فيرجع الإشكال وأيضا فإن قول هذا القائل لأن قريشا كانوا يعتمرون في رجب يحتاج إلى نقل وعلى تقديره فمن أين له أنه صلى الله عليه وسلّم وافقهم وهب أنه وافقهم فكيف اقتصر على مرة