وإنما يتم ما أراد أن لو قال ولا تحلقوا حتى تنحروا واحتج الطحاوي أيضا بقول بن عباس من قدم شيئا من نسكه أو أخره فليهرق لذلك دما قال وهو أحد من روى أن لا حرج فدل على أن المراد بنفي الحرج نفي الإثم فقط وأجيب بأن الطريق بذلك إلى بن عباس فيها ضعف فإن بن أبي شيبة أخرجها وفيها إبراهيم بن مهاجر وفيه مقال وعلى تقدير الصحة فيلزم من يأخذ بقول بن عباس أن يوجب الدم في كل شيء من الأربعة المذكورة ولا يخصه بالحلق قبل الذبح أو قبل الرمي وقال بن دقيق العيد منع مالك وأبو حنيفة تقديم الحلق على الرمي والذبح لأنه حينئذ يكون حلقا قبل وجود التحللين وللشافعي قول مثله وقد بني القولان له على أن الحلق نسك أو استباحة محظور فإن قلنا إنه نسك جاز تقديمه على الرمي وغيره لأنه يكون من أسباب التحلل وإن قلنا إنه استباحة محظور فلا قال وفي هذا البناء نظر لأنه لا يلزم من كون الشيء نسكا أن يكون من أسباب التحلل لأن النسك ما يثاب عليه وهذا مالك يرى أن الحلق نسك ويرى أنه لا يقدم على الرمي مع ذلك وقال الأوزاعي أن أفاض قبل الرمي إهراق دما وقال عياض اختلف عن مالك في تقديم الطواف على الرمي وروى بن عبد الحكم عن مالك أنه يجب عليه إعادة الطواف فإن توجه إلى بلده بلا إعادة وجب عليه دم قال بن بطال وهذا يخالف حديث بن عباس وكأنه لم يبلغه انتهى قلت وكذا هو في رواية بن أبي حفصة عن الزهري في حديث عبد الله بن عمرو وكأن مالكا لم يحفظ ذلك عن الزهري قوله فما سئل النبي صلى الله عليه وسلّم عن شيء قدم ولا أخر في رواية يونس عند مسلم وصالح عند أحمد فما سمعته سئل يومئذ عن أمر مما ينسى المرء أو يجهل من تقديم بعض الأمور على بعض أو أشباهها إلا قال افعلوا ذلك ولا حرج واحتج به وبقوله في رواية مالك لم أشعر بأن الرخصة تختص بمن نسي أو جهل لا بمن تعمد قال صاحب المغني قال الأثرم عن أحمد إن كان ناسيا أو جاهلا فلا شيء عليه وإن كان عالما فلا لقوله في الحديث لم أشعر وأجاب بعض الشافعية بأن الترتيب لو كان واجبا لما سقط بالسهو كالترتيب بين السعي والطواف فإنه لو سعى قبل أن يطوف وجب إعادة السعي وأما ما وقع في حديث أسامة بن شريك فمحمول على من سعى بعد طواف القدوم ثم طاف طواف الإفاضة فإنه يصدق عليه أنه سعى قبل الطواف أي طواف الركن ولم يقل بظاهر حديث أسامة إلا أحمد وعطاء فقالا لو لم يطف للقدوم ولا لغيره وقدم السعي قبل طواف الإفاضة أجزأه أخرجه عبد الرزاق عن بن جريج عنه وقال بن دقيق العيد ما قاله أحمد قوي من جهة أن الدليل دل على وجوب أتباع الرسول في الحج بقوله خذوا عني مناسككم وهذه الأحاديث المرخصة في تقديم ما وقع عنه تأخيره قد قرنت بقول السائل لم أشعر فيختص الحكم بهذه الحالة وتبقى حالة العمد على أصل وجوب الأتباع في الحج وأيضا فالحكم إذا رتب على وصف يمكن أن يكون معتبرا لم يجز إطراحه ولا شك أن عدم الشعور وصف مناسب لعدم المؤاخذة وقد علق به الحكم فلا يمكن اطراحه بالحاق العمد به إذ لا يساويه وأما التمسك بقول الراوي فما سئل عن شيء الخ فإنه يشعر بأن الترتيب مطلقا غير مراعي فجوابه أن هذا الإخبار من الراوي يتعلق بما وقع السؤال عنه وهو مطلق بالنسبة إلى حال السائل والمطلق لا يدل على أحد الخاصين بعينه فلا يبقى حجة في حال العمد والله أعلم قوله في رواية بن جريج فقال النبي صلى الله عليه وسلّم لهن كلهن أفعل ولا حرج قال الكرماني اللام في قوله لهن متعلقة بقال أي قال لأجل هذه الأفعال أو بمحذوف أي قال يوم النحر لأجلهن أو بقوله لا حرج أي لا حرج لأجلهن انتهى ويحتمل أن تكون اللام بمعنى عن أي قال