( قوله باب فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي إلى قوله تعالى حاضري المسجد الحرام ) .
كذا في رواية أبي ذر وأبي الوقت وساق في طريق كريمة ما بين قوله الهدي وقوله حاضري المسجد الحرام وغرض المصنف بذلك تفسير الهدي وذلك أنه لما انتهى في صفة الحج إلى الوصول إلى منى أراد أن يذكر أحكام الهدي والنحر لأن ذلك يكون غالبا بمنى والمراد بقوله فمن تمتع أي في حال الأمن لقوله فإذا أمنتم فمن تمتع وفيه حجة للجمهور في أن التمتع لا يختص بالمحصر وروى الطبري عن عروة قال في قوله فإذا أمنتم أي من الوجع ونحوه قال الطبري والأشبه بتأويل الآية أن المراد بها الأمن من الخوف لأنها نزلت وهم خائفون بالحديبية فبينت لهم ما يعملون حال الحصر وما يعملون حال الأمن .
1603 - قوله أخبرنا النضر هو بن شميل صاحب العربية قوله أبو جمرة بالجيم والراء وقد تقدم لهذا الحديث طريق في آخر باب التمتع والقرآن وقد تقدم الكلام عليه هناك والغرض منه هنا بيان الهدي قوله وسألته أي بن عباس قوله عن الهدي فقال فيها أي المتعة يعني يجب على من تمتع دم قوله جزور بفتح الجيم وضم الزاي أي بعير ذكرا كان أو أنثى وهو مأخوذ من الجزر أي القطع ولفظها مؤنث تقول هذه الجزور قوله أو شرك بكسر الشين المعجمة وسكون الراء أي مشاركة في دم أي حيث يجزئ الشيء الواحد عن جماعة وهذا موافق لما رواه مسلم عن جابر قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم مهلين بالحج فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم أن نشترك في الإبل والبقر كل سبعة منا في بدنة وبهذا قال الشافعي والجمهور سواء كان الهدي تطوعا أو واجبا وسواء كانوا كلهم متقربين بذلك أو كان بعضهم يريد التقرب وبعضهم يريد اللحم وعن أبي حنيفة يشترط في الاشتراك أن يكونوا كلهم متقربين بالهدي وعن زفر مثله بزيادة أن تكون أسبابهم واحدة وعن داود وبعض المالكية يجوز في هدي التطوع دون الواجب وعن مالك لا يجوز مطلقا واحتج له إسماعيل القاضي بأن حديث جابر إنما كان بالحديبية حيث كانوا محصرين وأما حديث بن عباس فخالف أبا جمرة عنه ثقات أصحابه فرووا عنه أن ما استيسر من الهدي شاة ثم ساق ذلك بأسانيد صحيحة عنهم عن بن عباس قال وقد روى ليث عن طاوس عن بن عباس مثل رواية أبي جمرة وليث ضعيف قال وحدثنا سليمان عن حماد بن زيد عن أيوب عن محمد بن سيرين عن بن عباس قال ما كنت أرى أن دما واحدا يقضي عن أكثر من واحد انتهى وليس بين رواية أبي جمرة ورواية غيره منافاة لأنه زاد عليهم ذكر الاشتراك ووافقهم على ذكر الشاة وإنما أراد بن عباس بالاقتصار على الشاة الرد على من زعم اختصاص الهدي