وغسلت رأسي فكنت أفتي الناس بذاك في إمارة أبي بكر وإمارة عمر فإني لقائم بالموسم إذ جاءني رجل فقال إنك لا تدري ما أحدث أمير المؤمنين في شأن النسك فذكر القصة وفيه فلما قدم قلت يا أمير المؤمنين ما هذا الذي أحدثت في شأن النسك فذكر جوابه وقد اختصره المصنف أيضا من طريق شعبة لكنه أبين من هذا ولفظه فكنت أفتي به حتى كانت خلافة عمر فقال إن أخذنا الحديث ولمسلم أيضا من طريق إبراهيم بن أبي موسى الأشعري عن أبيه أنه كان يفتي بالمتعة فقال له رجل رويدك ببعض فتياك الحديث وفي هذه الرواية تبيين عمر العلة التي لأجلها كره التمتع وهي قوله قد علمت أن النبي صلى الله عليه وسلّم فعله ولكن كرهت أن يظلوا معرسين بهن أي بالنساء ثم يروحوا في الحج تقطر رؤوسهم انتهى وكان من رأي عمر عدم الترفه للحج بكل طريق فكره لهم قرب عهدهم بالنساء لئلا يستمر الميل إلى ذلك بخلاف من بعد عهده به ومن يفطم ينفطم وقد أخرج مسلم من حديث جابر أن عمر قال افصلوا حجكم من عمرتكم فإنه أتم لحجكم وأتم لعمرتكم وفي رواية أن الله يحل لرسوله ما شاء فأتموا الحج والعمرة كما أمركم الله قوله أن نأخذ بكتاب الله إلخ محصل جواب عمر في منعه الناس من التحلل بالعمرة أن كتاب الله دال على منع التحلل لأمره بالإتمام فيقتضي استمرار الإحرام إلى فراغ الحج وأن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلّم أيضا دالة على ذلك لأنه لم يحل حتى بلغ الهدي محله لكن الجواب عن ذلك ما أجاب به هو صلى الله عليه وسلّم حيث قال ولولا أن معي الهدي لأحللت فدل على جواز الإحلال لمن لم يكن معه هدي وتبين من مجموع ما جاء عن عمر في ذلك أنه منع منه سدا للذريعة وقال المازري قيل أن المتعة التي نهى عنها عمر فسخ الحج إلى العمرة وقيل العمرة في أشهر الحج ثم الحج من عامه وعلى الثاني إنما نهى عنها ترغيبا في الإفراد الذي هو أفضل لا أنه يعتقد بطلانها وتحريمها وقال عياض الظاهر أنه نهى عن الفسخ ولهذا كان يضرب الناس عليها كما رواه مسلم بناء على معتقده أن الفسخ كان خاصا بتلك السنة قال النووي والمختار أنه نهى عن المتعة المعروفة التي هي الاعتمار في أشهر الحج ثم الحج من عامه وهو على التنزيه للترغيب في الأفراد كما يظهر من كلامه ثم انعقد الإجماع على جواز التمتع من غير كراهة ونفي الاختلاف في الأفضل كما سيأتي في الباب الذي بعده ويمكن أن يتمسك من يقول بأنه إنما نهى عن الفسخ بقوله في الحديث الذي أشرنا إليه قريبا من مسلم أن الله يحل لرسوله ما شاء والله أعلم وفي قصة أبي موسى وعلي دلالة على جواز تعليق الإحرام بإحرام الغير مع اختلاف آخر الحديثين في التحلل وذلك أن أبا موسى لم يكن معه هدي فصار له حكم النبي صلى الله عليه وسلّم لو لم يكن معه هدي وقد قال لولا الهدي لأحللت أي وفسخت الحج إلى العمرة كما فعله أصحابه بأمره كما سيأتي وأما علي فكان معه هدي فلذلك أمره بالبقاء على إحرامه وصار مثله قارنا قال النووي هذا هو الصواب وقد تأوله الخطابي وعياض بتأويلين غير مرضيين انتهى فأما تأويل الخطابي فإنه قال فعل أبى موسى يخالف فعل علي وكأنه أراد بقوله أهللت كإهلال النبي صلى الله عليه وسلّم أي كما يبينه لي ويعينه لي من أنواع ما يحرم به فأمره أن يحل بعمل عمرة لأنه لم يكن معه هدي وأما تأويل عياض فقال المراد بقوله فكنت أفتي الناس بالمتعة أي بفسخ الحج إلى العمرة والحامل لهما على ذلك اعتقادهما أنه صلى الله عليه وسلّم كان مفردا مع قوله لولا أن معي الهدي لأحللت أي فسخت الحج وجعلته عمرة فلهذا أمر أبا موسى بالتحلل لأنه لم يكن معه هدي بخلاف علي قال عياض وجمهور الأئمة على أن فسخ الحج إلى العمرة كان خاصا بالصحابة انتهى وقال بن المنير في الحاشية ظاهر كلام عمر التفريق بين ما دل عليه الكتاب