الصدقة ما كان عن ظهر غنى فعبد الله المذكور في الإسناد هو بن المبارك ويونس هو بن يزيد ومعنى الحديث أفضل الصدقة ما وقع من غير محتاج إلى ما يتصدق به لنفسه أو لمن تلزمه نفقته قال الخطابي لفظ الظهر يرد في مثل هذا إشباعا للكلام والمعنى أفضل الصدقة ما أخرجه الإنسان من ماله بعد أن يستبقي منه قدر الكفاية ولذلك قال بعده وإبدأ بمن تعول وقال البغوي المراد غنى يستظهر به على النوائب التي تنوبه ونحوه قولهم ركب متن السلامة والتنكير في قوله غنى للتعظيم هذا هو المعتمد في معنى الحديث وقيل المراد خير الصدقة ما أغنيت به من أعطيته عن المسألة وقيل عن للسببية والظهر زائد أي خير الصدقة ما كان سببها غنى في المتصدق وقال النووي مذهبنا أن التصدق بجميع المال مستحب لمن لا دين عليه ولا له عيال لا يصبرون ويكون هو ممن يصبر على الإضاقة والفقر فإن لم يجمع هذه الشروط فهو مكروه وقال القرطبي في المفهم يرد على تأويل الخطابي بالآيات والأحاديث الواردة في فضل المؤثرين على أنفسهم ومنها حديث أبي ذر أفضل الصدقة جهد من مقل والمختار أن معنى الحديث أفضل الصدقة ما وقع بعد القيام بحقوق النفس والعيال بحيث لا يصير المتصدق محتاجا بعد صدقته إلى أحد فمعنى الغنى في هذا الحديث حصول ما تدفع به الحاجة الضرورية كالأكل عند الجوع المشوش الذي لا صبر عليه وستر العورة والحاجة إلى ما يدفع به عن نفسه الأذى وما هذا سبيله فلا يجوز الإيثار به بل يحرم وذلك أنه إذا آثر غيره به أدى إلى إهلاك نفسه أو الاضرار بها أو كشف عورته فمراعاة حقه أولى على كل حال فإذا سقطت هذه الواجبات صح الايثار وكانت صدقته هي الأفضل لأجل ما يتحمل من مضض الفقر وشدة مشقته فبهذا يندفع التعارض بين الأدلة أن شاء الله قوله وإبدأ بمن تعول فيه تقديم نفقة نفسه وعياله لأنها منحصرة فيه بخلاف نفقة غيرهم وسيأتي شرحه في النفقات إن شاء الله تعالى ثانيها حديث حكيم بن حزام اليد العليا خير من اليد السفلى الحديث وشاهد الترجمة منه قوله فيه وخير الصدقة عن ظهر غنى وهشام المذكور في الإسناد هو بن عروة بن الزبير وقوله فيه ومن يستعف يعفه الله يأتي الكلام عليه في حديث أبي سعيد بعد أبواب ثالثها حديث أبي هريرة قال بهذا أي بحديث حكيم أورده معطوفا على إسناد حديث حكيم بلفظ وعن وهيب والظاهر أنه حمله عن موسى بن إسماعيل عنه بالطريقين معا وكأن هشاما حدث به وهيبا تارة عن أبيه عن حكيم وتارة عن أبيه عن أبي هريرة أو حدثه به عنهما مجموعا ففرقه وهيب أو الراوي عنه وقد وصل حديث أبي هريرة من طريق وهيب الإسماعيلي قال أخبرني بن ياسين حدثنا محمد بن سفيان حدثنا حبان هو بن هلال حدثنا وهيب حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن أبي هريرة قال مثل حديث حكيم رابعها حديث بن عمر من وجهين في ذكر اليد العليا وإنما أورده ليفسر به ما أجمل في حديث حكيم قال بن رشيد والذي يظهر أن حديث حكيم بن حزام لما اشتمل على شيئين حديث اليد العليا وحديث لا صدقة الا عن ظهر غنى ذكر معه حديث بن عمر المشتمل على الشيء الأول تكثيرا لطرقه ويحتمل أن يكون مناسبة حديث اليد العليا للترجمة من جهة أن إطلاق كون اليد العليا هي المنفقه محله ما إذا كان الإنفاق لا يمنع منه بالشرع كالمديان المحجور عليه فعمومه مخصوص بقوله لا صدقة الا عن ظهر غنى والله أعلم تنبيه لم يسق البخاري متن طريق حماد عن أيوب وعطف عليه طريق مالك فربما أوهم إنهما سواء وليس كذلك لما سنذكره عن أبي داود وقال بن عبد البر في التمهيد لم تختلف الرواة عن مالك أي في سياقه كذا قال وفيه