قوله وان هؤلاء لا يعقلون هو من كلام أبي ذر كرره تأكيدا لكلامه ولربط ما بعده عليه باب إنفاق المال في حقه وأورد فيه الحديث الدال على الترغيب في ذلك وهو من أدل دليل على أن أحاديث الوعيد محمولة على من لا يؤدي الزكاة وأما حديث ما أحب أن لي أحدا ذهبا فمحمول على الأولوية لأن جمع المال وإن كان مباحا لكن الجامع مسؤول عنه وفي المحاسبة خطر وإن كان الترك أسلم وما ورد من الترغيب في تحصيله وإنفاقه في حقه فمحمول على من وثق بأنه يجمعه من الحلال الذي يأمن خطر المحاسبة عليه فإنه إذا أنفقه حصل له ثواب ذلك النفع المتعدي ولا يتأتى ذلك لمن لم يحصل شيئا كما تقدم شاهده في حديث ذهب أهل الدثور بالأجور والله أعلم وقد تقدم الكلام على حديث الباب مستوفى في أوائل كتاب العلم قال الزين بن المنير في هذا الحديث حجة على جواز إنفاق جميع المال وبذله في الصحة والخروج عنه بالكلية في وجوه البر ما لم يؤد إلى حرمان الوارث ونحو ذلك مما منع منه الشرع قوله باب الرياء في الصدقة قال الزين بن المنير يحتمل أن يكون مراده إبطال الرياء للصدقة فيحمل على ما تمحض منها لحب المحمدة والثناء من الخلق بحيث لولا ذلك لم يتصدق بها قوله لقوله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى إلى قوله والله لا يهدي القوم الكافرين قال الزين بن المنير وجه الاستدلال من الآية أن الله تعالى شبه مقارنة المن والأذى للصدقة أو إتباعها بذلك بإنفاق الكافر المرائي الذي لا يجد بين يديه شيئا منه ومقارنة الرياء من المسلم لصدقته أقبح من مقارنة الإيذاء وأولى أن يشبه بإنفاق الكافر المرائي في إبطال إنفاقه اه وقال بن رشيد إقتصر البخاري في هذه الترجمة على الآية ومراده أن المشبه بالشيء يكون أخفى من المشبه به لأن الخفي ربما شبه بالظاهر ليخرج من حيز الخفاء إلى الظهور ولما كان الإنفاق رياء من غير المؤمن ظاهرا في إبطال الصدقة شبه به الإبطال بالمن والأذى أي حالة هؤلاء في الإبطال كحالة هؤلاء هذا من حيث الجملة ولا يبعد أن يراعى حال التفصيل أيضا لأن حال المان شبيه بحال المرائي لأنه لما من ظهر أنه لم يقصد وجه الله وحال المؤذي يشبه حال الفاقد للإيمان من المنافقين لأن من يعلم أن للمؤذي ناصرا ينصره لم يؤذه فعلم بهذا أن حالة المرائي أشد من حالة المان والمؤذي انتهى ويتلخص أن يقال لما كان المشبه به أقوى من المشبه وابطال الصدقة بالمن والأذى قد شبه بإبطالها بالرياء فيها كان أمر الرياء أشد قوله وقال بن عباس صلدا ليس عليه شيء وصله بن جرير من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس هكذا في قوله فتركه صلدا أي ليس عليه شيء وروى الطبري من طريق سعيد عن قتادة في هذه الآية قال هذا مثل ضربه الله لأعمال الكفار يوم القيامة يقول لا يقدرون على شيء مما كسبوا يومئذ كما ترك هذا المطر الصفا نقيا ليس عليه شيء ومن طريق أسباط عن السدي نحوه قوله وقال عكرمة وابل مطر شديد والطل الندى وصله عبد بن حميد عن روح بن عبادة عن عثمان بن غياث سمعت عكرمة قال في قوله وابل قال مطر شديد والطل الندى