وخالفهما الزبيدي ومعمر فروياه عن الزهري عن سعيد بن المسيب بدل أبي سلمة وأخرجه الذهلي في الزهريات من طريق الأوزاعي عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة وقد تقدم أيضا من طريق شعيب عن الزهري عن أبي هريرة من غير ذكر واسطة وصنيع البخاري يقتضي ترجيح طريق أبي سلمة وصنيع مسلم يقتضي تصحيح القولين عن الزهري وبذلك جزم الذهلي قوله كل مولود أي من بني آدم وصرح به جعفر بن ربيعة عن الأعرج عن أبي هريرة بلفظ كل بني آدم يولد على الفطرة وكذا رواه خالد الواسطي عن عبد الرحمن بن إسحاق عن أبي الزناد عن الأعرج ذكرها بن عبد البر واستشكل هذا التركيب بأنه يقتضي أن كل مولود يقع له التهويد وغيره مما ذكر والفرض أن بعضهم يستمر مسلما ولا يقع له شيء والجواب أن المراد من التركيب أن الكفر ليس من ذات المولود ومقتضى طبعه بل إنما حصل بسبب خارجي فإن سلم من ذلك السبب استمر على الحق وهذا يقوي المذهب الصحيح في تأويل الفطرة كما سيأتي قوله يولد على الفطرة ظاهره تعميم الوصف المذكور في جميع المولودين وأصرح منه رواية يونس المتقدمة بلفظ ما من مولود إلا يولد على الفطرة ولمسلم من طريق أبي صالح عن أبي هريرة بلفظ ليس من مولود يولد إلا على هذه الفطرة حتى يعبر عنه لسانه وفي رواية له من هذا الوجه ما من مولود إلا وهو على الملة وحكى بن عبد البر عن قوم أنه لا يقتضى العموم وإنما المراد أن كل من ولد على الفطرة وكان له أبوان على غير الإسلام نقلاه إلى دينهما فتقدير الخبر على هذا كل مولود يولد على الفطرة وأبواه يهوديان مثلا فإنهما يهودانه ثم يصير عند بلوغه إلى ما يحكم به عليه ويكفي في الرد عليهم رواية أبي صالح المتقدمة وأصرح منها رواية جعفر بن ربيعة بلفظ كل بني آدم يولد على الفطرة وقد اختلف السلف في المراد بالفطرة في هذا الحديث على أقوال كثيرة وحكى أبو عبيد أنه سأل محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة عن ذلك فقال كان هذا في أول الإسلام قبل أن تنزل الفرائض وقبل الأمر بالجهاد قال أبو عبيد كأنه عنى أنه لو كان يولد على الإسلام فمات قبل أن يهوده أبواه مثلا لم يرثاه والواقع في الحكم أنهما يرثانه فدل على تغير الحكم وقد تعقبه بن عبد البر وغيره وسبب الإشتباه أنه حمله على أحكام الدنيا فلذلك ادعى فيه النسخ والحق أنه إخبار من النبي صلى الله عليه وسلّم بما وقع في نفس الأمر ولم يرد به اثبات أحكام الدنيا وأشهر الأقوال أن المراد بالفطرة الإسلام قال بن عبد البر وهو المعروف عند عامة السلف وأجمع أهل العلم بالتأويل على أن المراد بقوله تعالى فطرة الله التي فطر الناس عليها الإسلام واحتجوا بقول أبي هريرة في آخر حديث الباب اقرؤوا إن شئتم فطرة الله التي فطر الناس عليها وبحديث عياض بن حمار عن النبي صلى الله عليه وسلّم فيما يرويه عن ربه أني خلقت عبادي حنفاء كلهم فاجتالتهم الشياطين عن دينهم الحديث وقد رواه غيره فزاد فيه حنفاء مسلمين ورجحه بعض المتأخرين بقوله تعالى فطرة الله لأنها إضافة مدح وقد أمر نبيه بلزومها فعلم أنها الإسلام وقال بن جرير قوله فأقم وجهك للدين أي سدد لطاعته حنيفا أي مستقيما فطرة الله أي صبغة الله وهو منصوب على المصدر الذي دل عليه الفعل الأول أو منصوب بفعل مقدر أي الزم وقد سبق قبل أبواب قول الزهري في الصلاة على المولود من أجل أنه ولد على فطرة الإسلام وسيأتي في تفسير سورة الروم جزم المصنف بأن الفطرة الإسلام وقد قال أحمد من مات أبواه وهما كافران حكم بإسلامه واستدل بحديث الباب فدل على أنه فسر الفطرة بالإسلام وتعقبه بعضهم بأنه كان يلزم أن لا يصح استرقافه ولا يحكم