من أجزاء معلومة عند الله وقد قربها النبي صلى الله عليه وسلّم للفهم بتمثيله القيراط بأحد قال الطيبي قوله مثل أحد تفسير للمقصود من الكلام لا للفظ القيراط والمراد منه أنه يرجع بنصيب كبير من الأجر وذلك لأن لفظ القيراط مبهم من وجهين فبين الموزون بقوله من الأجر وبين المقدار المراد منه بقوله مثل أحد وقال الزين بن المنير أراد تعظيم الثواب فمثله للعيان بأعظم الجبال خلقا وأكثرها إلى النفوس المؤمنه حبا لأنه الذي قال في حقه أنه جبل يحبنا ونحبه انتهى ولأنه أيضا قريب من المخاطبين يشترك أكثرهم في معرفته وخص القيراط بالذكر لأنه كان أقل ما تقع به الاجارة في ذلك الوقت أو جرى ذلك مجرى العادة من تقليل الأجر بتقليل العمل واستدل بقوله من تبع على أن المشي خلف الجنازة أفضل من المشي امامها لأن ذلك هو حقيقة الأتباع حسا قال بن دقيق العيد الذين رجحوا المشي امامها حملوا الأتباع هنا على الأتباع المعنوي أي المصاحبة وهو أعم من أن يكون امامها أو خلفها أو غير ذلك وهذا مجاز يحتاج إلى أن يكون الدليل الدال على استحباب التقدم راجحا انتهى وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك في باب السرعة بالجنازة وذكرنا اختلاف العلماء في ذلك بما يغنى عن اعادته قوله أكثر علينا أبو هريرة قال بن التين لم يتهمه بن عمر بل خشي عليه السهو أو قال ذلك لكونه لم ينقل له عن أبي هريرة أنه رفعه فظن أنه قال برأيه فاستنكره انتهى والثاني جمود على سياق رواية البخاري وقد بينا أن في رواية مسلم أنه رفعه وكذا في رواية خباب عن أبي هريرة عند مسلم أيضا وقال الكرماني قوله أكثر علينا أي في ذكر الأجر أو في كثرة الحديث كأنه خشي لكثرة رواياته أن يشتبه عليه بعض الأمر انتهى ووقع في رواية أبي سلمة عند سعيد بن منصور فبلغ ذلك بن عمر فتعاظمه وفي رواية الوليد بن عبد الرحمن عند سعيد أيضا ومسدد وأحمد بإسناد صحيح فقال بن عمر يا أبا هريرة انظر ما تحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قوله فصدقت يعني عائشة أبا هريرة لفظ يعني للبخاري كأنه شك فاستعملها وقد رواه الإسماعيلي من طريق أبي النعمان شيخه فلم يقلها وفي رواية مسلم فبعث بن عمر إلى عائشة يسألها فصدقت أبا هريرة وفي رواية أبي سلمة عند الترمذي فذكر ذلك لابن عمر فأرسل إلى عائشة فسألها عن ذلك فقالت صدق وفي رواية خباب صاحب المقصورة عند مسلم فأرسل بن عمر خبابا إلى عائشة يسألها عن قول أبي هريرة ثم يرجع إليه فيخبره بما قالت حتى رجع إليه الرسول فقال قالت عائشة صدق أبو هريرة ووقع في رواية الوليد بن عبد الرحمن عند سعيد بن منصور فقام أبو هريرة فأخذ بيده فانطلقا حتى أتيا عائشة فقال لها يا أم المؤمنين أنشدك الله أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول فذكره فقالت اللهم نعم ويجمع بينهما بأن الرسول لما رجع إلى بن عمر بخبر عائشة بلغ ذلك أبا هريرة فمشى إلى بن عمر فاسمعه ذلك من عائشة مشافهه وزاد في رواية الوليد فقال أبو هريرة لم يشغلنى عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم غرس الودي ولا صفق بالأسواق وإنما كنت أطلب من رسول الله صلى الله عليه وسلّم أكلة يطعمنيها أو كلمة يعلمنيها قال له بن عمر كنت الزمنا لرسول الله صلى الله عليه وسلّم واعلمنا بحديثه قوله لقد فرطنا في قراريط كثيرة أي من عدم المواظبه على حضور الدفن بين ذلك مسلم في روايته من طريق بن شهاب عن سالم بن عبد الله بن عمر قال كان بن عمر يصلي على الجنازة ثم ينصرف فلما بلغه حديث أبي هريرة قال فذكره وفي هذه القصة دلالة على تميز أبي هريرة في الحفظ وأن إنكار العلماء بعضهم على بعض قديم وفيه استغراب العالم ما لم يصل إلى علمه وعدم مبالاة الحافظ بانكار من لم يحفظ وفيه ما كان الصحابة عليه من التثبت في الحديث