قوله هل قرا بأم الكتاب في رواية الحموي بأم القرآن زاد مالك في الرواية المذكورة أم لا تنبيه ساق البخاري المتن على لفظ يحيى بن سعيد وأما لفظ شعبة فأخرجه أحمد عن محمد بن جعفر شيخ البخاري فيه بلفظ إذا طلع الفجر صلى ركعتين أو لم يصل الا ركعتين أقول لم يقرأ فيهما بفاتحة الكتاب وكذا رواه مسلم من طريق معاذ عن شعبة لكن لم يقل أو لم يصل الا ركعتين ورواه أحمد أيضا عن يحيى القطان عن شعبة بلفظ كان إذا طلع الفجر لم يصل الا ركعتين فأقول هل قرا فيهما بفاتحة الكتاب وقد تمسك به من زعم أنه لا قراءة في ركعتي الفجر أصلا وتعقب بما ثبت في الأحاديث الآتية قال القرطبي ليس معنى هذا أنها شكت في قراءته صلى الله عليه وسلّم الفاتحه وإنما معناه أنه كان يطيل في النوافل فلما خفف في قراءة ركعتي الفجر صار كأنه لم يقرأ بالنسبة إلى غيرها من الصلوات قلت وفي تخصيصها أم القرآن بالذكر إشارة إلى مواظبته لقراءتها في غيرها من صلاته وقد روى بن ماجة بإسناد قوي عن عبد الله بن شقيق عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يصلي ركعتين قبل الفجر وكان يقول نعم السورتان يقرأ بهما في ركعتي الفجر قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد ولابن أبي شيبة من طريق محمد بن سيرين عن عائشة كان يقرأ فيهما بهما ولمسلم من حديث أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلّم قرا فيهما بهما وللترمذي والنسائي من حديث بن عمر رمقت النبي صلى الله عليه وسلّم شهرا فكان يقرأ فيهما بهما وللترمذي من حديث بن مسعود مثله بغير تقييد وكذا للبزار عن أنس ولابن حبان عن جابر ما يدل على الترغيب في قراءتهما فيهما واستدل بحديث الباب على أنه لا يزيد فيهما على أم القرآن وهو قول مالك وفي البويطي عن الشافعي استحباب قراءة السورتين المذكورتين فيهما مع الفاتحه عملا بالحديث المذكور وبذلك قال الجمهور وقالوا معنى قول عائشة هل قرا فيهما بأم القرآن أي مقتصرا عليها أو ضم إليها غيرها وذلك لاسراعه بقراءتها وكان من عادته أن يرتل السورة حتى تكون أطول من أطول منها كما تقدمت الإشارة إليه وذهب بعضهم إلى اطالة القراءة فيهما وهو قول أكثر الحنفية ونقل عن النخعي وأورد البيهقي فيه حديثا مرفوعا من مرسل سعيد بن جبير وفي سنده راو لم يسم وخص بعضهم ذلك بمن فاته شيء من قراءته في صلاة الليل فيستدركها في ركعتي الفجر ونقل ذلك عن أبي حنيفة وأخرجه بن أبي شيبة بسند صحيح عن الحسن البصري واستدل به على الجهر بالقراءة في ركعتي الفجر ولا حجة فيه لاحتمال أن يكون ذلك عرف بقراءته بعض السورة كما تقدم في صفة الصلاة من حديث أبي قتادة في صلاة الظهر يسمعنا الآية أحيانا ويدل على ذلك أن في رواية بن سيرين المذكورة يسر فيهما القراءة وقد صححه بن عبد البر واستدل بالأحاديث المذكورة على أنه لا يتعين قراءة الفاتحه في الصلاة لأنه لم يذكرها مع سورتي الإخلاص وروى مسلم من حديث بن عباس أنه صلى الله عليه وسلّم كان يقرأ في ركعتي الفجر قولوا امنا بالله التي في البقره وفي الأخرى التي في آل عمران وأجيب بأنه ترك ذكر الفاتحه لوضوح الأمر فيها ويؤيده أن قول عائشة لا أدري أقرأ الفاتحة أم لا فدل على أن الفاتحه كان مقررا عندهم أنه لا بد من قراءتها والله أعلم تنبيه هذه الأبواب الستة المتعلقه بركعتي الفجر وقع في أكثر الأصول الفصل بينها بالباب الاتي بعد وهو باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى والصواب ما وقع في بعض الأصول من تاخيره عنها وايرادها يتلو بعضها