قال القرطبي الحكمة في الاقتصار على الثلاث أن أغلب ما يكون انتباه الإنسان في السحر فإن اتفق له أن يرجع إلى النوم ثلاث مرات لم تنقض النومة الثالثة الا وقد ذهب الليل وقال البيضاوي التقييد بالثلاث أما للتاكيد أو لأنه يريد أن يقطعه عن ثلاثة أشياء الذكر والوضوء والصلاة فكأنه منع من كل واحدة منها بعقدة عقدها على رأسه وكان تخصيص القفا بذلك لكونه محل الوهم ومجال تصرفه وهو اطوع القوي للشيطان واسرعها اجابه لدعوته وفي كلام الشيخ الملوى أن العقد يقع على خزانة الالهيات من الحافظه وهي الكنز المحصل من القوي ومنها يتناول القلب ما يريد التذكر به قوله انحل عقده بلفظ الجمع بغير اختلاف في البخاري ووقع لبعض رواة الموطأ بالافراد ويؤيده رواية أحمد المشار إليها قبل فإن فيها فإن ذكر الله انحلت عقدة واحدة وأن قام فتوضأ أطلقت الثانية فإن صلى أطلقت الثالثة وكأنه محمول على الغالب وهو من ينام مضطجعا فيحتاج إلى الوضوء إذا انتبه فيكون لكل فعل عقدة يحلها ويؤيد الأول ما سيأتي في بدء الخلق من وجه آخر بلفظ عقده كلها ولمسلم من رواية بن عيينة عن أبي الزناد انحلت العقد وظاهره أن العقد تنحل كلها بالصلاة خاصة وهو كذلك في حق من لم يحتج إلى الطهارة كمن نام متمكنا مثلا ثم انتبه فصلى من قبل أن يذكر أو يتطهر فإن الصلاة تجزئه في حل العقد كلها لأنها تستلزم الطهاره وتتضمن الذكر وعلى هذا فيكون معنى قوله فإذا صلى انحلت عقده كلها أن كان المراد به من لا يحتاج إلى الوضوء فظاهر على ما قررناه وأن كان من يحتاج إليه فالمعنى انحلت بكل عقدة أو انحلت عقده كلها بانحلال الأخيرة التي بها يتم انحلال العقد وفي رواية أحمد المذكورة قبل فإن قام فذكر الله انحلت واحدة فإن قام فتوضأ أطلقت الثانية فإن صلى أطلقت الثالثة وهذا محمول على الغالب وهو من ينام مضطجعا فيحتاج إلى تجديد الطهاره عند استيقاظه فيكون لكل فعل عقده يحلها قوله طيب النفس أي لسروره بما وفقه الله له من الطاعه وبما وعده من الثواب وبما زال عنه من عقد الشيطان كذا قيل والذي يظهر أن في صلاة الليل سرا في طيب النفس وأن لم يستحضر المصلي شيئا مما ذكر وكذا عكسه وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأقوم قيلا وقد استنبط بعضهم منه أن من فعل ذلك مرة ثم عاد إلى النوم لا يعود إليه الشيطان بالعقد المذكور ثانيا واستثنى بعضهم ممن يقوم ويذكر ويتوضأ ويصلي من لم ينهه ذلك عن الفحشاء بل يفعل ذلك من غير أن يقلع والذي يظهر فيه التفصيل بين من يفعل ذلك مع الندم والتوبة والعزم على الاقلاع وبين المصر قوله وإلا أصبح خبيث النفس أي بتركه ما كان اعتاده أو أراده من فعل الخير كذا قيل وقد تقدم ما فيه وقوله كسلان غير مصروف للوصف ولزيادة الألف والنون ومقتضى قوله وإلا أصبح أنه أن لم يجمع الأمور الثلاثة دخل تحت من يصبح خبيثا كسلان وأن أتى ببعضها وهو كذلك لكن يختلف ذلك بالقوة والخفة فمن ذكر الله مثلا كان في ذلك أخف ممن لم يذكر أصلا وروينا في الجزء الثالث من الأول من حديث المخلص في حديث أبي سعيد الذي تقدمت الإشارة إليه فإن قام فصلى انحلت العقد كلهن وأن استيقظ ولم يتوضأ ولم يصل أصبحت العقد كلها كهيئتها وقال بن عبد البر هذا الذم يختص بمن لم يقم إلى صلاته وضيعها أما من كانت عادته القيام إلى الصلاة المكتوبة أو إلى النافلة بالليل فغلبته عينه فنام فقد ثبت أن