الأكثر إلى أنه يصلي شفعا ما أراد ولا ينقض وتره عملا بقوله صلى الله عليه وسلّم لا وتران في ليلة وهو حديث حسن أخرجه النسائي وبن خزيمة وغيرهما من حديث طلق بن على وإنما يصح نقض الوتر عند من يقول بمشروعية التنفل بركعة واحدة غير الوتر وقد تقدم ما فيه وروى محمد بن نصر من طريق سعيد بن الحارث أنه سأل بن عمر عن ذلك فقال إذا كنت لا تخاف الصبح ولا النوم فاشفع ثم صل ما بدا لك ثم أوتر وإلا فصل وترك على الذي كنت أوترت ومن طريق أخرى عن بن عمر أنه سئل عن ذلك فقال أما أنا فأصلي مثنى فإذا انصرفت ركعت ركعة واحدة فقيل أرأيت ان أوترت قبل أن أنام ثم قمت من الليل فشفعت حتى أصبح قال ليس بذلك بأس واستدل بقوله صلى الله عليه وسلّم صل ركعة واحدة على أن فصل الوتر أفضل من وصله وتعقب بأنه ليس صريحا فى الفصل فيحتمل أن يريد بقوله صل ركعة واحدة أي مضافة إلى ركعتين مما مضى واحتج بعض الحنفية لما ذهب إليه من تعيين الوصل والاقتصار على ثلاث بأن الصحابة أجمعوا على أن الوتر بثلاث موصولة حسن جائز واختلفوا فيما عداه قال فأخذنا بما أجمعوا عليه وتركنا ما اختلفوا فيه وتعقبه محمد بن نصر المروزي بما رواه من طريق عراك بن مالك عن أبي هريرة مرفوعا وموقوفا لا توتروا بثلاث تشبهوا بصلاة المغرب وقد صححه الحاكم من طريق عبد الله بن الفضل عن أبي سلمة والأعرج عن أبي هريرة مرفوعا نحوه وإسناده على شرط الشيخين وقد صححه بن حبان والحاكم ومن طريق مقسم عن بن عباس وعائشة كراهية الوتر بثلاث وأخرجه النسائي أيضا وعن سليمان بن يسار أنه كره الثلاث فى الوتر وقال لا يشبه التطوع الفريضة فهذه الآثار تقدح في الإجماع الذي نقله وأما قول محمد بن نصر لم نجد عن النبي صلى الله عليه وسلّم خبرا ثابتا صريحا أنه أوتر بثلاث موصولة نعم ثبت عنه أنه أوتر بثلاث لكن لم يبين الراوي هل هي موصولة أو مفصولة انتهى فيرد عليه ما رواه الحاكم من حديث عائشة أنه كان صلى الله عليه وسلّم يوتر بثلاث لا يقعد إلا في آخرهن وروى النسائي من حديث أبي بن كعب نحوه ولفظه يوتر بسبح اسم ربك الأعلى وقل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد ولا يسلم إلا في آخرهن وبين في عدة طرق أن السور الثلاث بثلاث ركعات ويجاب عنه باحتمال أنهما لم يثبتا عنده والجمع بين هذا وبين ما تقدم من النهي عن التشبه بصلاة المغرب أن يحمل النهي على صلاة الثلاث بتشهدين وقد فعله السلف أيضا فروى محمد بن نصر من طريق الحسن أن عمر كان ينهض في الثالثة من الوتر بالتكبير ومن طريق المسور بن مخرمة أن عمر أوتر بثلاث لم يسلم إلا في آخرهن ومن طريق بن طاوس عن أبيه أنه كان يوتر بثلاث لا يقعد بينهن ومن طريق قيس بن سعد عن عطاء وحماد بن زيد عن أيوب مثله وروى محمد بن نصر عن بن مسعود وأنس وأبي العالية أنهم أوتروا بثلاث كالمغرب وكأنهم لم يبلغهم النهى المذكور وسيأتي في هذا الباب قول القاسم بن محمد في تجويز الثلاث ولكن النزاع في تعين ذلك فإن الأخبار الصحيحة تأباه قوله توتر له ما قد صلى استدل به على أن الركعة الأخيرة هي الوتر وأن كل ما تقدمها شفع وادعى بعض الحنفية أن هذا إنما يشرع لمن طرقه الفجر قبل أن يوتر فيكتفى بواحدة لقوله فإذا خشي الصبح فيحتاج إلى دليل تعين الثلاث وسنذكر ما فيه من رواية القاسم الآتية واستدل به على تعين الشفع قبل الوتر وهو عن المالكية بناء على أن قوله ما قد صلى أي من النفل وحمله من لا يشترط سبق الشفع على ما هو أعم من النفل والفرض وقالوا إن سبق الشفع شرط في الكمال لا فى الصحة ويؤيده حديث أبي أيوب مرفوعا الوتر حق فمن شاء أوتر بخمس ومن شاء بثلاث ومن شاء بواحدة أخرجه