بناء على أن سألت بسكون اللام على أنه كلامها ويحتمل أن يكون بفتح اللام فيكون كلام الراوي فلا ينافي مع ذلك قوله وإما قال تشتهين تنظرين وقد اختلفت الروايات عنها في ذلك ففي رواية النسائي من طريق يزيد بن رومان عنها سمعت لغطا وصوت صبيان فقام النبي صلى الله عليه وسلّم فإذا حبشية تزفن أي ترقص والصبيان حولها فقال يا عائشة تعالى فانظري ففي هذا أنه ابتدأها وفي رواية عبيد بن عمير عنها عند مسلم أنها قالت للعابين وددت أني أراهم ففي هذا أنها سألت ويجمع بينهما بأنها التمست منه ذلك فأذن لها وفي رواية النسائي من طريق أبي سلمة عنها دخل الحبشة يلعبون فقال لي النبي صلى الله عليه وسلّم يا حميراء أتحبين أن تنظري إليهم فقلت نعم إسناده صحيح ولم أر في حديث صحيح ذكر الحميراء إلا في هذا وفي رواية أبي سلمة هذه من الزيادة عنها قالت ومن قولهم يومئذ أبا القاسم طيبا كذا فيه بالنصب وهو حكاية قول الحبشة ولأحمد والسراج وبن حبان من حديث أنس أن الحبشة كانت تزفن بين يدي النبي صلى الله عليه وسلّم ويتكلمون بكلام لهم فقال ما يقولون قال يقولون محمد عبد صالح قوله فأقامني وراءه خدي على خده أي متلاصقين وهي جملة حالية بدون واو كما قيل في قوله تعالى اهبطوا بعضكم لبعض عدو وفي رواية هشام عن أبيه عند مسلم فوضعت رأسي على منكبه وفي رواية أبي سلمة المذكورة فوضعت ذقنى على عاتقه وأسندت وجهي إلى خده وفي رواية عبيد بن عمير عنها أنظر بين أذنيه وعاتقه ومعانيها متقاربة ورواية أبي سلمة أبينها وفي رواية الزهري الآتية بعد عن عروة فيسترنى وأنا أنظر وقد تقدم في أبواب المساجد بلفظ يسترنى بردائه ويتعقب به على الزين بن المنير في استنباطه من لفظ حديث الباب جواز اكتفاء المرأة بالتستر بالقيام خلف من تستر به من زوج أو ذي محرم إذا قام ذلك مقام الرداء لأن القصة واحدة وقد وقع فيها التنصيص على وجود التستر بالرداء قوله وهو يقول دونكم بالنصب على الظرفية بمعنى الإغراء والمغرى به محذوف وهو لعبهم بالحراب وفيه إذن وتنهيض لهم وتنشيط قوله يا بني أرفدة بفتح الهمزة وسكون الراء وكسر الفاء وقد تفتح قيل هو لقب للحبشة وقيل هو اسم جنس لهم وقيل اسم جدهم الأكبر وقيل المعنى يا بني الإماء زاد في رواية الزهري عن عروة فزجرهم عمر فقال النبي صلى الله عليه وسلّم أمنا بني أرفدة وبين الزهري أيضا عن سعيد عن أبي هريرة وجه الزجر حيث قال فأهوى إلى الحصباء فحصبهم بها فقال النبي صلى الله عليه وسلّم دعهم يا عمر وسيأتي في الجهاد وزاد أبو عوانة في صحيحه فإنهم بنو أرفدة كأنه يعني أن هذا شأنهم وطريقتهم وهو من الأمور المباحة فلا إنكار عليهم قال المحب الطبري فيه تنبيه على أنه يغتفر لهم ما لا يغتفر لغيرهم لأن الأصل في المساجد تنزيهها عن اللعب فيقتصر على ما ورد فيه النص انتهى وروى السراج من طريق أبي الزناد عن عروة عن عائشة أنه صلى الله عليه وسلّم قال يومئذ لتعلم يهود أن في ديننا فسحة إني بعثت بحنيفية سمحة وهذا يشعر بعدم التخصيص وكأن عمر بنى على الأصل في تنزيه المساجد فبين له النبي صلى الله عليه وسلّم وجه الجواز فيما كان هذا سبيله كما سيأتي تقريره أو لعله لم يكن علم أن النبي صلى الله عليه وسلّم كان يراهم قوله حتى إذا مللت بكسر اللام الأولى وفي رواية الزهري حتى أكون أنا الذي أسأم ولمسلم من طريقه ثم يقوم من أجلى حتى أكون أنا الذي أنصرف وفي رواية يزيد بن رومان عند النسائي أما شبعت أما شبعت قالت فجعلت أقول لا لأنظر منزلتى عنده