صلى الله عليه وسلّم وهو يخطب فقال لأبي ذر صليت ركعتين قال لا الحديث وفي إسناده بن لهيعة وشذ بقوله وهو يخطب فإن الحديث مشهور عن أبي ذر أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلّم وهو جالس في المسجد أخرجه بن حبان وغيره وأما ما رواه الدارقطني من حديث أنس قال دخل رجل من قيس المسجد فذكر نحو قصة سليك فلا يخالف كونه سليكا فإن غطفان من قيس كما تقدم وان كان بعض شيوخنا غاير بينهما وجوز أن تكون الواقعة تعددت فإنه لم يتبين لي ذلك واختلف فيه على الأعمش اختلافا آخر رواه الثوري عنه عن أبي سفيان عن جابر عن سليك فجعل الحديث من مسند سليك قال بن عدي لا أعلم أحدا قاله عن الثوري هكذا غير الفريابي وإبراهيم بن خالد أه وقد قاله عنه أيضا عبد الرزاق أخرجه هكذا في مصنفه وأحمد عنه وأبو عوانة والدارقطني من طريقه ونقل بن عدي عن النسائي أنه قال هذا خطأ أه والذي يظهر لي أنه ما عنى أن جابرا حمل القصة عن سليك وإنما معناه أن جابرا حدثهم عن قصة سليك ولهذا نظير سأذكره في حديث أبي مسعود في قصة أبي شعيب اللحام في كتاب البيوع إن شاء الله تعالى ومن المستغربات ما حكاه بن بشكوال في المبهمات أن الداخل المذكور يقال له أبو هدية فإن كان محفوظا فلعلها كنية سليك صادفت اسم أبيه قوله فقال صليت كذا للأكثر بحذف همزة الاستفهام وثبت في رواية الأصيلي قوله قم فاركع زاد المستملى والأصيلي ركعتين وكذا في رواية سفيان في الباب الذي بعده فصل ركعتين واستدل به على أن الخطبة لا تمنع الداخل من صلاة تحية المسجد وتعقب بأنها واقعة عين لا عموم لها فيحتمل اختصاصها بسليك ويدل عليه قوله في حديث أبي سعيد الذي أخرجه أصحاب السنن وغيرهم جاء رجل والنبي صلى الله عليه وسلّم يخطب والرجل في هيئة بذة فقال له أصليت قال لا قال صل ركعتين وحض الناس على الصدقة الحديث فأمره أن يصلي ليراه بعض الناس وهو قائم فيتصدق عليه ويؤيده أن في هذا الحديث عند أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال إن هذا الرجل دخل المسجد في هيئة بذة فأمرته أن يصلي ركعتين وأنا أرجو أن يفطن له رجل فيتصدق عليه وعرف بهذه الرواية الرد على من طعن في هذا التأويل فقال لو كان كذلك لقال لهم إذا رأيتم ذا بذة فتصدقوا عليه أو إذا كان أحد ذا بذة فليقم فليركع حتى يتصدق الناس عليه والذي يظهر أنه صلى الله عليه وسلّم كان يعتنى في مثل هذا بالإجمال دون التفصيل كما كان يصنع عند المعاتبة ومما يضعف الاستدلال به أيضا على جواز التحية في تلك الحال أنهم أطلقوا أن التحية تفوت بالجلوس وورد أيضا ما يؤكد الخصوصية وهو قوله صلى الله عليه وسلّم لسليك في آخر الحديث لا تعودن لمثل هذا أخرجه بن حبان انتهى ما اعتل به من طعن في الاستدلال بهذه القصة على جواز التحية وكله مردود لأن الأصل عدم الخصوصية والتعليل بكونه صلى الله عليه وسلّم قصد التصدق عليه لا يمنع القول بجواز التحية فإن المانعين منها لا يجيزون التطوع لعلة التصدق قال بن المنير في الحاشية لو ساغ ذلك لساغ مثله في التطوع عند طلوع الشمس وسائر الأوقات المكروهة ولا قائل به ومما يدل على أن أمره بالصلاة لم ينحصر في قصد التصدق معاودته صلى الله عليه وسلّم بأمره بالصلاة أيضا في الجمعة الثانية بعد أن حصل له في الجمعة الأولى ثوبين فدخل بهما في الثانية فتصدق بأحدهما فنهاه النبي صلى الله عليه وسلّم عن ذلك أخرجه النسائي وبن خزيمة من حديث أبي سعيد أيضا ولأحمد وبن حبان أنه كرر أمره بالصلاة ثلاث مرات في ثلاث جمع فدل على أن قصد التصدق عليه جزء علة لا علة كاملة وأما إطلاق من أطلق أن التحية تفوت بالجلوس فقد حكى النووي في شرح مسلم عن المحققين أن ذلك في حق العامد العالم أما الجاهل أو الناسي فلا وحال هذا الداخل محمولة في الأولى على أحدهما وفي المرتين