بن المبارك ويحيى بن سعيد هو الأنصاري قوله كان الناس مهنة بنون وفتحات جمع ماهن ككتبة وكاتب أي خدم أنفسهم وحكى بن التين أنه روى بكسر أوله وسكون الهاء ومعناه بإسقاط محذوف أي ذوي مهنة ولمسلم من طريق الليث عن يحيى بن سعيد كان الناس أهل عمل ولم يكن لهم كفأة أي لم يكن لهم من يكفيهم العمل من الخدم قوله وكانوا إذا راحوا إلى الجمعة راحوا في هيئتهم استدل البخاري بقوله راحوا على أن ذلك كان بعد الزوال لأنه حقيقة الرواح كما تقدم عن أكثر أهل اللغة ولا يعارض هذا ما تقدم عن الأزهري أن المراد بالرواح في قوله من اغتسل يوم الجمعة ثم راح الذهاب مطلقا لأنه إما أن يكون مجازا أو مشتركا وعلى كل من التقديرين فالقرينة مخصصة وهي في قوله من راح في الساعة الأولى قائمة في إرادة مطلق الذهاب وفي هذا قائمة في الذهاب بعد الزوال لما جاء في حديث عائشة المذكور في الطريق التي في آخر الباب الذي قبل هذا حيث قالت يصيبهم الغبار والعرق لأن ذلك غالبا إنما يكون بعد ما يشتد الحر وهذا في حال مجيئهم من العوالي فالظاهر أنهم لا يصلون إلى المسجد إلا حين الزوال أو قريبا من ذلك وعرف بهذا توجيه إيراد حديث عائشة في هذا الباب تنبيه أورد أبو نعيم في المستخرج طريق عمرة هذه في الباب الذي قبله وعلى هذا فلا اشكال فيه أصلا قوله عن أنس صرح في رواية الإسماعيلي من طريق زيد بن الحباب عن فليح بسماع عثمان له من أنس قوله أن النبي صلى الله عليه وسلّم كان يصلي الجمعة حين تميل الشمس فيه إشعار بمواظبته صلى الله عليه وسلّم على صلاة الجمعة إذا زالت الشمس وأما رواية حميد التي بعد هذا عن أنس كنا نبكر بالجمعة ونقيل بعد الجمعة فظاهره أنهم كانوا يصلون الجمعة باكر النهار لكن طريق الجمع أولى من دعوى التعارض وقد تقرر فيما تقدم أن التبكير يطلق على فعل الشيء في أول وقته أو تقديمه على غيره وهو المراد هنا والمعنى أنهم كانوا يبدؤن بالصلاة قبل القيلولة بخلاف ما جرت به عادتهم في صلاة الظهر في الحر فإنهم كانوا يقيلون ثم يصلون لمشروعية الإبراد ولهذه النكتة أورد البخاري طريق حميد عن أنس عقب طريق عثمان بن عبد الرحمن عنه وسيأتي في الترجمة التي بعد هذه التعبير بالتبكير والمراد به الصلاة في أول الوقت وهو يؤيد ما قلناه قال الزين بن المنير في الحاشية فسر البخاري حديث أنس الثاني بحديث أنس الأول إشارة منه إلى أنه لا تعارض بينهما تنبيهان الأول حكى بن التين عن أبي عبد الملك أنه قال إنما أورد البخاري الآثار عن الصحابة لأنه لم يجد حديثا مرفوعا في ذلك وتعقبه بحديث أنس هذا وهو كما قال الثاني لم يقع التصريح عند المصنف برفع حديث أنس الثاني وقد أخرجه الطبراني في الأوسط من طريق فضيل بن عياض عن حميد فزاد فيه مع النبي صلى الله عليه وسلّم وكذا أخرجه بن حبان في صحيحه من طريق محمد بن إسحاق حدثني حميد الطويل وله شاهد من حديث سهل بن سعد يأتي في آخر كتاب الجمعة وفيه رد على من زعم أن الساعات المطلوبة في الذهاب إلى الجمعة من عند الزوال لأنهم كانوا يتبادرون إلى الجمعة قبل القائلة