بمكة فلم يتمكن من إقامتها ثم فقد ورد فيه حديث عن بن عباس عند الدارقطني ولذلك جمع بهم أول ما قدم المدينة كما حكاه بن إسحاق وغيره وعلى هذا فقد حصلت الهداية للجمعة بجهتى البيان والتوفيق وقيل في الحكمة في اختيارهم الجمعة وقوع خلق آدم فيه والإنسان إنما خلق للعبادة فناسب أن يشتغل بالعبادة فيه ولأن الله تعالى أكمل فيه الموجودات وأوجد فيه الإنسان الذي ينتفع بها فناسب أن يشكر على ذلك بالعبادة فيه قوله اليهود غدا والنصارى بعد غد في رواية أبي سعيد المقبري عن أبى هريرة عند بن خزيمة فهو لنا ولليهود يوم السبت وللنصارى يوم الأحد والمعنى أنه لنا بهداية الله تعالى ولهم باعتبار اختيارهم وخطئهم في اجتهادهم قال القرطبي غدا هنا منصوب على الظرف وهو متعلق بمحذوف وتقديره اليهود يعظمون غدا وكذا قوله بعد غد ولا بد من هذا التقدير لأن ظرف الزمان لا يكون خبرا عن الجثة انتهى وقال بن مالك الأصل أن يكون المخبر عنه بظرف الزمان من أسماء المعاني كقولك غدا للتأهب وبعد غد للرحيل فيقدر هنا مضافان يكون ظرفا الزمان خبرين عنهما أي تعييد اليهود غدا وتعييد النصارى بعد غد أه وسبقه إلى نحو ذلك عياض وهو أوجه من كلام القرطبي وفي الحديث دليل على فرضية الجمعة كما قال النووي لقوله فرض عليهم فهدانا الله له فإن التقدير فرض عليهم وعلينا فضلوا وهدينا وقد وقع في رواية سفيان عن أبي الزناد عند مسلم بلفظ كتب علينا وفيه أن الهداية والاضلال من الله تعالى كما هو قول أهل السنة وأن سلامة الإجماع من الخطأ مخصوص بهذه الأمة وأن استنباط معنى من الأصل يعود عليه بالإبطال باطل وأن القياس مع وجود النص فاسد وأن الاجتهاد في زمن نزول الوحي جائز وأن الجمعة أول الأسبوع شرعا ويدل على ذلك تسمية الأسبوع كله جمعة وكانوا يسمون الأسبوع سبتا كما سيأتي في الاستسقاء في حديث أنس وذلك أنهم كانوا مجاورين لليهود فتبعوهم في ذلك وفيه بيان واضح لمزيد فضل هذه الأمة على الأمم السابقة زادها الله تعالى