محمد بن عباد بن جعفر يقول أخبرني أبو سلمة بن سفيان وعبد الله بن عمرو بن العاص وعبد الله بن المسيب العابدي كلهم عن عبد الله بن السائب قال صلى لنا النبي صلى الله عليه وسلّم الصبح بمكة فاستفتح بسورة المؤمنين حتى جاء ذكر موسى وهارون أو ذكر عيسى شك محمد بن عباد أخذت النبي صلى الله عليه وسلّم سعلة فركع وفي رواية بحذف فركع وقوله بن عمرو بن العاص وهم من بعض أصحاب بن جريج وقد رويناه في مصنف عبد الرزاق عنه فقال عبد الله بن عمرو القارئ وهو الصواب واختلف في إسناده على بن جريج فقال بن عيينة عنه عن بن أبي مليكة عن عبد الله بن السائب أخرجه بن ماجة وقال أبو عاصم عنه عن محمد بن عباد عن أبي سلمة بن سفيان أو سفيان بن أبي سلمة وكأن البخاري علقه بصيغة ويذكر لهذا الاختلاف مع أن إسناده مما تقوم به الحجة قال النووي قوله بن العاص غلط عند الحفاظ فليس هذا عبد الله بن عمرو بن العاص الصحابي المعروف بل هو تابعي حجازي قال وفي الحديث جواز قطع القراءة وجواز القراءة ببعض السورة وكرهه مالك انتهى وتعقب بأن الذي كرهه مالك أن يقتصر على بعض السورة مختارا والمستدل به ظاهر في أنه كان للضرورة فلا يرد عليه وكذا يرد على من استدل به على أنه لا يكره قراءة بعض الآية أخذا من قوله حتى جاء ذكر موسى وهارون أو ذكر عيسى لأن كلا من الموضعين يقع في وسط آية وفيه ما تقدم نعم الكراهة لا تثبت إلا بدليل وأدلة الجواز كثيرة وقد تقدم حديث زيد بن ثابت أنه صلى الله عليه وسلّم قرأ الأعراف في الركعتين ولم يذكر ضرورة ففيه القراءة بالأول وبالأخير وروى عبد الرزاق بإسناد صحيح عن أبي بكر الصديق أنه أم الصحابة في صلاة الصبح بسورة البقرة فقرأها في الركعتين وهذا إجماع منهم وروى محمد بن عبد السلام الخشني بضم الخاء المعجمة بعدها معجمة مفتوحة خفيفة ثم نون من طريق الحسن البصري قال غزونا خراسان ومعنا ثلاثمائة من الصحابة فكان الرجل منهم يصلي بنا فيقرأ الآيات من السورة ثم يركع أخرجه بن حزم محتجا به وروى الدارقطني بإسناد قوي عن بن عباس أنه قرأ الفاتحة وآية من البقرة في كل ركعة قوله أخذت النبي صلى الله عليه وسلّم سعلة بفتح أوله من السعال ويجوز الضم ولابن ماجة شرقة بمعجمة وقاف وقوله في رواية مسلم فحذف أي ترك القراءة وفسره بعضهم برمى النخامة الناشئة عن السعلة والأول أظهر لقوله فركع ولو كان أزال ما عاقه عن القراءة لتمادى فيها واستدل به على أن السعال لا يبطل الصلاة وهو واضح فيما إذا غلبه وقال الرافعي في شرح المسند قد يستدل به على أن سورة المؤمنين مكية وهو قول الأكثر قال ولمن خالف أن يقول يحتمل أن يكون قوله بمكة أي في الفتح أو حجة الوداع قلت قد صرح بقضية الاحتمال المذكور النسائي في روايته فقال في فتح مكة ويؤخذ منه أن قطع القراءة لعارض السعال ونحوه أولى من التمادى في القراءة مع السعال والتنحنح ولو استلزم تخفيف القراءة فيما استحب فيه تطويلها قوله وقرأ عمر الخ وصله بن أبي شيبة من طريق أبي رافع قال كان عمر يقرأ في الصبح بمائة من البقرة ويتبعها بسورة من المثاني انتهى والمثاني قيل ما لم يبلغ مائة آية أو بلغها