العامري وصححه بن خزيمة وغيره وكان ذلك في حجة الوداع في أواخر حياة النبي صلى الله عليه وسلّم ويدل على الجواز أيضا أمره صلى الله عليه وسلّم لمن أدرك الأئمة الذين يأتون بعده ويؤخرون الصلاة عن ميقاتها أن صلوها في بيوتكم في الوقت ثم اجعلوها معهم نافلة وأما استدلال الطحاوي أنه صلى الله عليه وسلّم نهى معاذا عن ذلك بقوله في حديث سليم بن الحارث إما أن تصلي معي وإما أن تخفف بقومك ودعواه أن معناه إما أن تصلي معي ولا تصل بقومك وإما أن تخفف بقومك ولا تصل معي ففيه نظر لأن لمخالفه أن يقول بل التقدير إما أن تصلي معي فقط إذا لم تخفف وإما أن تخفف بقومك فتصلى معي وهو أولى من تقديره لما فيه من مقابلة التخفيف بترك التخفيف لأنه هو المسئول عنه المتنازع فيه وأما تقوية بعضهم بكونه منسوخا بان صلاة الخوف وقعت مرارا على صفة فيها مخالفة ظاهرة بالأفعال المنافية في حال الأمن فلو جازت صلاة المفترض خلف المتنفل لصلى النبي صلى الله عليه وسلّم بهم مرتين على وجه لا تقع فيه منافاة فلما لم يفعل دل ذلك على المنع فجوابه أنه ثبت أنه صلى الله عليه وسلّم صلى بهم صلاة الخوف مرتين كما أخرجه أبو داود عن أبي بكرة صريحا ولمسلم عن جابر نحوه وأما صلاته بهم على نوع من المخالفة فلبيان الجواز وأما قول بعضهم كان فعل معاذ للضرورة لقلة القراء في ذلك الوقت فهو ضعيف كما قال بن دقيق العيد لأن القدر المجزئ من القراءة في الصلاة كان حافظوه كثيرا وما زاد لا يكون سببا لارتكاب أمر ممنوع منه شرعا في الصلاة وفي حديث الباب من الفوائد أيضا استحباب تخفيف الصلاة مراعاة لحال المأمومين وأما من قال لا يكره التطويل إذا علم رضاء المأمومين فيشكل عليه أن الإمام قد لا يعلم حال من يأتي فيأتم به بعد دخوله في الصلاة كما في حديث الباب فعلى هذا يكره التطويل مطلقا إلا إذا فرض في مصل بقوم محصورين راضين بالتطويل في مكان لا يدخله غيرهم وفيه أن الحاجة من أمور الدنيا عذر في تخفيف الصلاة وجواز إعادة الصلاة الواحدة في اليوم الواحد مرتين وجواز خروج المأموم من الصلاة لعذر وأما بغير عذر فاستدل به بعضهم وتعقب وقال بن المنير لو كان كذلك لم يكن لأمر الأئمة بالتخفيف فائدة وفيه نظر لأن فائدة الأمر بالتخفيف المحافظة على صلاة الجماعة ولا ينافي ذلك جواز الصلاة منفردا وهذا كما استدل بعضهم بالقصة على وجوب صلاة الجماعة وفيه نحو هذا النظر وفيه جواز صلاة المنفرد في المسجد الذي يصلي فيه بالجماعة إذا كان بعذر وفيه الإنكار بلطف لوقوعه بصورة الاستفهام ويؤخذ منه تعزيز كل أحد بحسبه والاكتفاء في التعزيز بالقول والانكار في المكروهات وأما تكراره ثلاثا فللتأكيد وقد تقدم في العلم أنه صلى الله عليه وسلّم كان يعيد الكلمة ثلاثا لتفهم عنه وفيه اعتذار من وقع منه خطأ في الظاهر وجواز الوقوع في حق من وقع في محذور ظاهر وإن كان له عذر باطن للتنفير عن فعل ذلك وأنه لا لوم على من فعل ذلك متأولا وأن التخلف عن الجماعة من صفة المنافق